قوله تعالى : « لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار »
معنى اللطيف في الآية الشريفة
وقوله « هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » عام لان اللَّه تعالى يعلم الأشياء كلها قديمها ومحدثها ، وموجودها ومعدومها ، لا يخفى عليه خافية .فصل : قوله « لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » الاية : 103 .
في هذه الاية دلالة واضحة على أنه تعالى لا يرى بالأبصار ، لأنه تعالى تمدح بنفي الإدراك عن نفسه . وكل ما كان نفيه مدحا غير متفضل به ، فاثباته لا يكون الا نقصا ، والنقص لا يليق به تعالى ، فإذا ثبت أنه لا يجوز إدراكه ولا رؤيته . وهذه الجملة تحتاج الى بيان أشياء : أحدها أنه تعالى تمدح .
وقوله « وهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » قيل : في معنى اللطيف قولان :
أحدهما : أنه اللاطف بعباده بسبوغ الانعام ، غير أنه عدل من وزن فاعل الى فعيل للمبالغة .
الثاني : انه لطيف التدبير ، وحذف لدلالة الكلام عليه .
فصل : قوله « قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِه ومَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها » الاية : 104 .
سمي العلم والتبيين ابصارا وسمي الجهل عمى توسعا ، وفي ذلك دلالة على أن الخلق غير مجبرين ، بل هم مخيرون في أفعالهم .
فصل : قوله « وكَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ » الاية : 105 .
قرأ ابن كثير وأبو عمرو « دارست » بألف وفتح التاء ، الباقون بلا ألف « درست » بفتح التاء . أصل الدرس استمرار التلاوة . قال أبو علي النحوي :
من قرأ دارست معناه دارست أهل الكتاب وذاكرتهم .
فصل : قوله « اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِله إِلَّا هُوَ وأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ » الاية : 106 .