« وتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِه » « 1 » ثم قال بعد ذلك « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّه فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه » أى : بأدلتهم اقتده .
فصل : قوله « الَّذِينَ آمَنُوا ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وهُمْ مُهْتَدُونَ » الاية : 82 .
الظلم المذكور في الاية هو الشرك عند أكثر المفسرين ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومجاهد وحماد بن زيد وأبي بن كعب وسلمان رحمة اللَّه عليه ، قال أبي : ألم تسمع الى قوله « إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » « 2 » وهو قول حذيفة .
وروي عن عبد اللَّه بن مسعود أنه قال : لما نزلت هذه الاية شق على الناس وقالوا : يا رسول اللَّه وأينا لا يظلم نفسه ؟ فقال : انه ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا الى ما قال العبد الصالح : « يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّه إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » .
وقال الجبائي والبلخي وأكثر المعتزلة : انه يدخل فيه كل كبيرة تحبط ثواب الطاعة ، فان من هذه صفته « 3 » لا يكون آمنا ولا مهتديا ، ولو كان الامر على ما قالوه انه يختص الشرك لوجب أن يكون مرتكب الكبيرة إذا كان مؤمنا أن يكون آمنا وذلك خلاف القول بالارجاء .
وهذا الذي ذكروه خلاف أقاويل المفسرين من الصحابة والتابعين وما قاله البلخي لا يلزم ، لأنه قول بدليل الخطاب ، لان المشرك غير آمن ، بل هو مقطوع على عقابه بظاهر الاية . ومرتكب الكبيرة غير آمن ، لأنه يجوز العفو ويجوز المؤاخذة ، وان كان ذلك معلوما بدليل .
وظاهر قوله « ولَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » وان كان عاما في كل ظلم ، فلنا أن