فكانت موعظتي وبالا عليك وما زادتك الا شرا ، أي : انك ازددت عندها شرا وذلك مشهور في الاستعمال .
وقوله « وأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ والْبَغْضاءَ » المراد بذلك بين اليهود والنصارى .
وبماذا ألقى بينهم العداوة ؟ قيل : فيه قولان : أحدهما قال أبو علي : بتعريف اليهود قبح مذهب النصارى في عبادة المسيح ، وبتعريف النصارى قبح مذهب اليهود في الكفر بالمسيح .
فصل : قوله « ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ومِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ » الاية : 66 .
قيل : في معناه قولان ، أحدهما قال ابن عباس وقتادة ومجاهد : لأكلوا من فوقهم بإرسال السماء عليهم مدرارا ومن تحت أرجلهم بإعطاء الأرض خيرها وبركتها .
الثاني : أن المعنى فيه التوسعة ، كما يقال هو في الخير من قرنه الى قدمه .
وقوله « منهم أمة مقتصدة » يعني : من هؤلاء الكفار قوم معتدلون في العمل من غير غلو ولا تقصير . قال أبو علي : وهم الذين أسلموا منهم وتابعوا النبي عليه السّلام وهو المروي في تفسير أهل البيت .
والاقتصاد : الاستواء في العمل المؤدي الى الغرض .
فصل : قوله « يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَه واللَّه يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ » الاية : 67 .
قيل : في سبب نزول هذه الاية أقوال :
أحدها : أن النبي عليه السّلام كان يهاب قريشا ، فأزال اللَّه عز وجل بالاية تلك الهيبة وقيل : كان النبي عليه السّلام حراس من أصحابه ، فلما نزلت الاية قال : ألحقوا بملاحقكم فان اللَّه عصمنى من الناس .