عابوا انتقالهم عن بيت المقدس الى الكعبة المشرق والمغرب ، ملك للَّه يتصرف فيهما كيف يشاء على ما يقتضيه حكمته .
وفي الاية دلالة على جواز النسخ ، لأنه تعالى نقلهم عن عبادة كانوا عليها الى إيقاعها على وجه آخر ، وهذا هو النسخ .
فصل : قوله « وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ » الاية : 143 .
استدل البلخي والجبائي والرماني وابن الأخشاد وكثير من الفقهاء وغيرهم بهذه الاية على أن الإجماع حجة ، من حيث أن اللَّه وصفهم بأنهم عدول ، فإذا عدلهم اللَّه لم يجز أن تكون شهادتهم مردودة . وقد بينا في أصول الفقه أنه لا دلالة فيها على أن الإجماع حجة .
وجملته : أن اللَّه تعالى وصفهم بأنهم عدول ، وبأنهم شهداء ، وذلك يقتضي أن يكون كل واحد عدلا وشاهدا ، لان شهداء جمع شهيد ، وقد علمنا أن كل واحد من هذه الامة ليس بهذه الصفة ، فلم يجز أن يكون المراد ما قالوه .
على أن الامة ان أريد بها جميع الامة ، فقد بينا أن كثيرا ممن يحكم بفسقه بل بكفره فلا يجوز حملها على الجميع . وان خصوها بالمؤمنين العدول ، جاز لنا أن نخصها بجماعة كل واحد منهم موصوف بما وصفنا به جماعتهم ، وهم الائمة المعصومون من آل الرسول عليهم السّلام .
على أنا لو سلمنا ما قالوه من كونهم عدولا ، ينبغي أن نجنبهم ما يقدح في عدالتهم ، وهي الكبائر . فأما الصغائر التي تقع مكفرة ، فلا تقدح في العدالة ، فلا ينبغي أن يمنع منها .
ومتى جوزنا عليهم الصغائر ، لم يمكنا أن نحتج بإجماعهم ، لأنه لا شيء أجمعوا