الطيبات الحلال الذي أذن لكم ربكم في أكله من الذبائح ، على قول الطبري والجبائي وغيرهما . وقال البلخي : الطيبات هو ما يستلذ به .
وقال قوم : وأحل لكم أيضا مع ذلك صيد ما علمتم من الجوارح ، وهي الكواسب من سباع الطير والبهائم ، ولا يجوز أن يستباح عندنا أكل شيء مما اصطاده الجوارح والسباع سوى الكلب الا ما أدرك ذكاته .
وسميت الطير جوارح لجرحها أربابها وكسبها إياهم أقواتهم من الصيد ، يقال منه : جرح فلان أهله خيرا إذا أكسبهم خيرا ، وفلان جارح أهله أي كاسبهم ولا جارحة لفلانة أي لا كاسب لها ، قال الشاعر اعشى بني ثعلبة .
ذات خد منضج ميسمها تذكر الجارح ما كان اجترح يعني : اكتسب .
واختلفوا في الجوارح التي ذكر في الاية بقوله « وما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ » فقال قوم : هو كل ما علم للصيد فيتعلمه ، بهيمة كانت أو طائرا ، ذهب اليه الحسن ومجاهد وخيثمة « 1 » بن عبد الرحمن ، ورووه عن ابن عباس وطاوس وعلي بن الحسين وأبى جعفر عليهم السّلام ، وقالوا : الفهد والبازي من الجوارح .
وقال قوم : عنى بذلك الكلاب خاصة دون غيرها من السباع ، ذهب اليه الضحاك والسدي وابن عمر وابن جريح ، وهو الذي رواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبى عبد اللَّه عليهما السّلام . فأما ما عدا الكلاب ، فما أدرك ذكاته فهو مباح ، والا فلا يحل أكله ويقوى قولنا قوله تعالى « مكلبين » وذلك مشتق من الكلب ، ومن صاد بالباز والصقر لا يكون مكلبا .
وقوله « مكلبين » نصب على الحال ، وتقديره : وأحل لكم صيد ما علمتم من الجوارح مكلبين ، أي : في هذه الحال ، يقال : رجل مكلب وكلاب إذا كان