ذلك قصرا ، لإجماع أصحابنا على ذلك ، ولما روي عن النبي عليه السّلام أنه قال : فرض المسافر ركعتان غير قصر .
وأما الخوف بانفراده ، فعندنا يوجب القصر وفيه خلاف ، وقد روي عن ابن عباس أن صلاة الخائف من صلاة المسافر وأنها ركعة ركعة .
وقال قوم : معنى قوله « فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا » يعني : من حدود الصلاة ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ، وهو الذي رواه أصحابنا في صلاة شدة الخوف ، وأنه يصلي إيماءا ، والسجود أخفض من الركوع ، فإن لم يقدر فان التسبيح المخصوص يكفي عن كل ركعة .
ومن قال : ان صلاة الخائف ركعة ، قال : الأولون إذا صلوا ركعة فقد فرغوا وكذلك الفرقة الثانية ، وروى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام ، وروي مثله عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام وهذا عندنا انما يجوز في صلاة شدة الخوف .
فصل : قوله « إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّه ولا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً » الاية : 105 .
نهاه أن يكون لمن خان مسلما ، أو معاهدا في نفسه وما له خصيما يخاصم عنه ويدفع من طالبه عنه بحقه الذي خانه فيه ، ثم أمره بأن يستغفر اللَّه في مخاصمته عن الخائن مال غيره .
فصل : قوله « إِنَّ اللَّه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِه ويَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ » الاية : 116 .
فان قيل : فعلى هذا من لم يشرك به بأن لا يعبد معه سواه ، وان كان كافرا بالنبي عليه السّلام من اليهود والنصارى ، ينبغي أن يكون داخلا تحت المشيئة لأنه مما دون الشرك .
قلنا : ليس الامر على ذلك ، لان كل كافر مشرك ، لأنه إذا جحد نبوة النبي عليه السّلام اعتقد أن ما ظهر على يده من المعجزات ليست من فعل اللَّه ونسبها الى غيره ، وأن الذي صدقه بها ليس هو اللَّه ، فيكون ذلك اشراكا معه ، على أن اللَّه تعالى أخبر