في اللغة .
ثم لا خلاف أن الاية مخصوصة بمن لا يتوب ، لأنه ان تاب فلا بد من العفو عنه اجماعا ، وبه قال مجاهد . وقال ابن عباس : لا توبة له ولا إذا قتله في حال الشرك ثم أسلم وتاب ، وبه قال ابن مسعود وزيد بن ثابت والضحاك .
ولا يعترض على ما قلناه قول من يقول : ان قاتل العمد لا يوفق للتوبة ، لان هذا القول إن صح فإنما يدل على أنه لا يختار التوبة ، ولا ينافي ذلك القول بأنها لو حصلت لا زالت العقاب ، فإذا كان لا بد من تخصيص الاية وإخراج التائبين عنها جاز لنا أن نخرج منها من يتفضل اللَّه عليه بالعفو .
على أن ظاهر الاية يتضمن أن جزاءه جهنم ، فمن أين أن ذلك لا بد من حصوله وأن العفو لا يجوز حصوله ؟ وهو قول ابن مجلز وأبي صالح .
ولا يدفع ذلك قوله « وغَضِبَ اللَّه عَلَيْه ولَعَنَه وأَعَدَّ لَه عَذاباً عَظِيماً » لان ذلك اخبار عن أنه مستحق لذلك ، فمن أين حصوله لا محالة ؟
وقال الجبائي : الجزاء عبارة عما يفعل ، وما لا يفعل لا يسمى جزاء . ألا ترى أن الأجير إذا استحق الأجرة على من استأجره لا يقال في الدراهم التي مع المستأجر أنها جزاء عمله ، وانما يسمى بذلك إذا أعطاه إياها .
وهذا ليس بشيء ، لان الجزاء عبارة عن المستحق ، سواء فعل أو لم يفعل ألا ترى أنا نقول : جزاء من فعل الجميل أن يقابل عليه بمثله ، وان كان ما فعله بعد وانما يراد به أنه ينبغي أن يعامل بذلك ونقول : ان من استحق عليه القود أوحد من الحدود ان جزاء هذا أن يقتل .
فصل : قوله « لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » الاية : 95 .
فان قيل : كيف قال في أول الاية « فَضَّلَ اللَّه الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً » ثم قال في آخرها « وفَضَّلَ اللَّه الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً