وقوله « وآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ » معناه اعطوا مالكهن مهورهن ، لان مهر الامة لسيدها بالمعروف ، وهو ما وقع عليه العقد والتراضي .
وفي الناس من قال : ان قوله « أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ » المراد به الحرائر دون أن يكون مختصا بالعفائف ، لأنه لو كان مختصا بالعفائف لما جاز العقد على من ليس كذلك ، لان قوله « الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً » الى قوله « وحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » « 1 » منسوخ بالإجماع ، وبقوله « فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ » « 2 » وبقوله « وأَنْكِحُوا الأَيامى » « 3 » ويمكن أن يخص بالعفائف على الأفضل دون الوجوب .
وقوله « فعليهن » معناه : لازم لهن نصف ما يلزم المحصنات دون أن يكون ذلك واجبا عليهن .
فصل : قوله « إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْه » الاية : 31 .
المعاصي وان كانت عندنا كلها كبائر ، من حيث كانت معصية للَّه تعالى ، فانا نقول : ان بعضها أكبر من بعض ، ففيها اذن كبير بالاضافة الى ما هو أصغر منه . وقال ابن عباس : كل ما نهى اللَّه عنه فهو كبير .
وعند المعتزلة أن كل معصية توعد اللَّه عليها بالعقاب ، أو ثبت ذلك عن النبي عليه السلام ، أو كان بمنزلة ذلك أو أكبر منه فهو كبير ، وما ليس ذلك حكمه فانه يجوز أن يكون صغيرا . ويجوز أن يكون كبيرا ، ولا يجوز أن يعين اللَّه الصغائر ، لان في تعيينها الإغراء بفعلها .
فمن المعاصي المقطوع على كونها كبائر قذف المحصنات ، وقتل النفس التي حرم اللَّه ، والزنا ، والربا ، والفرار من الزحف ، وعقوق الوالدين ، والشرك .