فلذلك قال أجمعين .
فصل : قوله « إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ » الاية : 89 .
فان قيل : إذا كانت التوبة وحدها تسقط العقاب وتحصل الثواب ، فلم شرط معها الإصلاح ؟
قيل : الوجه في ذلك ازالة الإبهام لئلا يعتقد أنه إذا حصل الايمان والتوبة من الكفر لا يضر معه شيء من أفعال القبائح ، كقوله « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ » « 1 » فذكر مع الايمان عمل الصالحات لازالة الإبهام ، بأن من كان مؤمنا في الحكم لم يضره ما عمله بعد ذلك من المعاصي .
وقبول التوبة واجب لأنها طاعة ، واستحقاق الثواب بها ثابت عقلا . فأما سقوط العقاب عندها ، فإنما هو تفضل من اللَّه ، ولولا أن السمع ورد بذلك ، والا فلا دلالة في العقل على ذلك .
وذكر المغفرة في الاية دليل على أن إسقاط العقاب بالتوبة تفضل ، لأنه لو كان واجبا لما استحق بذلك الاسم بأنه غفور رحيم ، لأنه لا يقال غفور الا فيما له المؤاخذة فأما ما لا يجوز المؤاخذة به فلا يجوز تعليقه بالمغفرة .
فصل : قوله « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ » الاية : 90 .
فان قيل : لم لم تقبل التوبة من هذه الفرقة ؟
قيل : لأنها كفرت بعد إيمانها ثم ازدادت كفرا الى انقضاء أجلها فحصلت على ضلالتها ، فلم تقبل منها التوبة الاولى في حال كفرها بعد إيمانها ، ولا التوبة الثانية في حال الجائها .