نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 249
لا يتوقف على شرط ولا يتقيد بأمر ، فما معنى تعليقه بانتفاء إتيانهم بسورة من مثله ؟ وقد يوجه بأن الشرط حقه أن يكون سببا للجزاء وملزوما له ، وليس عدم الإتيان بما ذكر سببا للاتقاء ولا ملزوما له ، فكيف صح وقوعه جزاء له ؟ وتقرير الجواب أن اتقاء النار ههنا وقع كناية عن ترك العناد وإنكار النبوة ، ولا خفاء في كونه مشروطا بعدم الإتيان بالسورة واستبانة العجز عنه وكونه مسببا ولازما له . وقوله إنهم إذا لم يأتوا إلى ساقته ليس إشارة كما يتوهم إلى أن هناك شرطيتين على ما مر تقريرهما ، كيف وسبب السبب سبب يربط به المسبب بلا حذف وإضمار ، بل هو بيان لحاصل المعنى وإظهار لوجه الارتباط والسببية ، يرشدك إلى ذلك قوله فقيل لهم إن استبنتم العجز فاتركوا العناد ( قوله من حيث إنه ) أي ترك العناد ( من نتائجه ) أي نتائج اتقاء النار ولوازمه . وقد أورد عليه أنه إذا كان ترك العناد لازما كان إطلاق الاتقاء عليه تعبيرا بالملزوم عن اللازم ، فيكون مجازا لا كناية لابتنائها على عكس ذلك كما صرح به في المفتاح ؟ وأجيب بأن معيار الفرق بينهما عند المصنف منافاة إرادة المعنى الحقيقي وعدمها كما ستعرفه في مواضع من كتابه هذا ، وما اختاره السكاكي ممالا معول عليه . ألا ترى أنه قد اضطر إلى أن المجاز قد يكون بإطلاق اللازم على الملزوم كما في : أمطرت السماء نباتا : أي غيثا ، وقد يكون بإطلاق الملزوم على اللازم نحو : رعينا الغيث ، لكنه ادعى أن ذلك إنما يكون في اللازم المساوى فيرجع بالآخرة إلى إطلاق الملزوم على اللازم ، وهذا مع كونه تكلفا مستغنى عنه جار في الكناية ، إذ لا يتصور الانتقال من اللازم الأعم مالم يصر مساويا ولو بقرينة حالية فيعود ملزوما . وبالجملة لابد أن يكون المعنى الأصلي فيهما بحيث ينتقل منه الذهن إلى معنى المراد ، فيكون الانتقال في كل منهما بهذا الاعتبار من الملزوم إلى لازمه في الذهن ولو بحسب القرائن كما ذكره بعضهم ، إلا أنهم لما أرادوا باللازم ههنا ما هو تابع لغيره ورديف له ، ولذلك عبر عنه العلامة باللصيق والضميم ، وبالملزوم ما هو متبوع ومردوف ، وكان أكثر الانتقالات من الروادف على طريقة الكناية اختير في المفتاح ذلك التعسف الذي لا طائل تحته ( وهو ) أي وضع " فاتقوا النار " موضع فاتركوا العناد ( من باب الكناية التي هي شعبة من شعب البلاغة ) أي فن من فنونها وأبلغ من التصريح كما بين في موضعه ، فهذه فائدة عامة ( وفائدته ) الخاصة ( الإيجاز ) فقيل من حيث أن تلك الوسائط التي صرح بها في توجيه ارتباط الجزاء بالشرط مرادة بحسب المعنى
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 249