نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 243
الكلام بأوله ، فإن ترتب الجزاء ههنا على شرطه إنما بحسن كل الحسن إذا كان الضمير للمنزل فإنه الذي سيق له الكلام أولا وفرض فيه الارتياب قصدا . وأما ذكر العبد فقد وقع تبعا ، وصح بذلك رجوع الضمير إليه في الجملة ، ولو كان الكلام مسوقا له كما ذكره كان عود الضمير إليه أولى على عكس ما في التنزيل ، وأيضا في عود الضمير إلى العبد ترك التصريح بأن السورة المأتي بها ينبغي أن تمائل المنزل نظما وأسلوبا ، مع أن ذلك هو العمدة في التحدي . نعم يفهم هذا من مساق الكلام بمعونة المقام ، ولذا قال بنحو ما أتى به هذا الواحد . الثالث المبالغة في التحدي كما قررها . الرابع الملاءمة لقوله : وادعوا شهداءكم أما إذا أريد به دعاء الشهداء للاستعانة بهم في المعارضة إما حقيقة كما في وجه الأخير من الوجوه الستة الآتية ، وإما تهكما كما في الوجهين الأولين ، فلأنه إنما يلائم الأمر بالإتيان بسورة من مثل القرآن ، لا الأمر بالإتيان بسورة من واحد عربي ، إذ لا معنى للاستمداد بطائفة فيما هو فعل واحد ، كيف ولو أستعين بالشهداء في ذلك لم يكن المأتي به ما كان مطلوبا منهم . وأما إذا أريد به دعاؤهم لشهدائهم ليشهدوا لهم بأن ما يدعونه حق كما في الوجوه الباقية ، فلأن إضافة الشهداء إليهم إنما تقع موقعها إذا كان الإتيان بالمثل منهم لا من واحد وإلا كانوا شهداء له ، فحقهم أن يضافوا إليه وإن كان للإضافة إليهم وجه صحة ، وأيضا رجوع الضمير إلى العبد ربما أوهم أن دعاء الشهداء ليشهدوا بأن ذلك الواحد مثل له ، لا بأن ما أتى به مثل للمنزل ، وهذا الإيهام يخل بمتانة المعنى وفخامته . ولما ترجح عود الضمير إلى المنزل بهذه الوجوه ترجح بها أيضا كون الظرف صفة للسورة ، لأنه إذا تعلق بفأتوا عاد الضمير إلى العبد وحده كما حققته . ثم الظاهر في العبارة أنه إذا قصد إتيان مثل العبد بسورة أن يقال فليأت واحد آخر مثله بسورة ، لكنه عدل إلى أمرهم بأن يأتوا من ذلك الواحد بسورة ترغيبا لهم في طلب ذلك الواحد وحثهم إياه على ذلك وتهيئتهم له ما يحتاج إليه من أسبابه ووسائله ، وفيه من المبالغة ما ليس في أمر واحد غير معين بذلك الإتيان ( قوله جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة ) في الصحاح الشهادة الخبر القاطع تقول منه : شهد الرجل على كذا وشهد له بكذا : أي أدى ما عنده من الشهادة فهو شاهد ، ويقال شهده شهودا : أي حضره فهو شاهد ، والشهيد الشاهد ( قوله ومعنى دون ) هو في أصله للتفاوت في الأمكنة ، يقال لمن هو أنزل مكانا من الآخر : هو دون ذلك ، فهو ظرف مكان مثل عند ، إلا أنه
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 243