نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 227
والظاهر أنه من قبيل التمثيل كقوله : وما الناس إلا كالديار الخ ، فلا حاجة إلى ذلك . فإن قيل الأمر متعلق بالمستقبل وليس المؤمن ملتبسا بالعبادات المستقبلة أصلا فليس أمره بهما طلبا للحاصل ، بل هو كقولك للمؤمن صل فلا اتجاه للسؤال . قلنا المتبادر من إطلاق اعبدوا إحداث أصل العبادة وهو حاصل ، فالسؤال متجه كما إذا أمرت من صلى لإحداث أصل الصلاة ، وأما إذا أمرته بصلاة معينة فلا . والجواب أن المطلوب من المؤمنين ليس إيقاع أصل العبادة في المستقبل بل ازديادهم فيها واستمرارهم عليها في الاستقبال ، وليس ذلك حاصلا قطعا فلا إشكال ، وإن المطلوب من الكفار أصل العبادة على معنى أنهم أمروا أن يأتوا بها بعد تحصيل شرائطها ، فإن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم إلا به كأنه قيل لهم : حصلوا أولا شرطها ثم ائتوا بها ، ولا استحالة في ذلك وإنما المستحيل أن يؤمروا بإيقاع العبادة حال انتفاء شرائطها كما تقرر في موضعه . وما يقال من أن التصديق أصل العبادات كلها ، فلو وجب بوجوبها لانقلب الأصل تبعا فجوابه أن الأصالة بحسب الصحة لا تنافى التعبية في الوجوب على أنه قد أوجب أيضا استقلالا بدلائل أخر والجمع بينهما آكد في إيجابه ( قوله على أن مشركي مكة ) أي يجوز تخصيص الخطاب بمشركيها لأن شرط العبادة حاصل لهم . واعترض عليه بأن مجرد معرفة الله تعالى والإقرار به ليس كافيا في صحة العبادة ، بل لا بد من التصديق بالنبوة والاعتراف بها وهو منتف عنهم . وأجيب بأنه أراد أن هذا القدر من الشرط حاصل لهم فليضموا إليه ما بقى ثم ليعبدوا ، وهذا بالحقيقة رجوع إلى الجواب الأول ومجرد فرق بين كفار مكة وغيرهم ، ومن هنا ذهب بعضهم إلى أن العبادة شاملة لأفعال القلب والجوارح ، وقرر السؤال في المؤمنين بأن التصديق حاصل لهم فكيف يؤمرون به ، وفى الكفار بأن تصديقهم بالسمعيات كأحوال المعاد يتوقف على تصديقهم بالعقليات على قاعدة الاعتزال كالمعرفة والإقرار ، وليست هذه العقليات حاصلة لهم فكيف يؤمرون بتلك السمعيات . ثم أجاب عن هذا أولا باندراجها تحت الأمر بالسمعيات ، وثانيا بأن العقليات حاصلة لكفار مكة . ويرد عليه أنه لا يلائمه قوله في السؤال وأما الكفار الخ ( قوله متناولا شيئين معا ) يريد أن صيغة اعبدوا موضوعة لطلب العبادة ، فإذا كانت موضوعة لطلب ازديادها أيضا كان استعماله فيهما إعمالا للمشترك في كلا معنييه وإلا كان جمعا بين الحقيقة والمجاز . ولا يصح شئ منهما عند الجمهور . وأجاب بأن ازدياد العبادة عبادة ، والمراد أن اعبدوا مستعمل في طلب العبادة في المستقبل لكن تلك العبادة من المؤمنين زيادة في عبادتهم ومن الكافرين ابتداء عبادة ، وليس شئ من مفهومي الزيادة والابتداء داخلا في مفهوم اعبدوا بل خارج يفهم من القرائن ، فلا جمع بين معنيين أصلا بل استعمل اللفظ المشترك في القدر المشترك بينهما ( قوله فالمراد به اسم يشترك فيه ) أي في مفهومه
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 227