نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 208
كمال من يلاحظ حبيبه : أي ينظر إليه بمؤخر عينيه خوفا من الرقباء وكلمة " لا " في قول ( ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ) مذكرة للنفي مؤكدة له كما في قولك ما جاءني زيد ولا عمرو ، وأما التي في قوله تعالى - ولا النور ولا الحرور ولا الأموات - فليست كذلك ، إذ لا يصح أن يقدر بعدها ذلك الفعل المنفى : أعني يستوى لأن فاعله مجموع هذين المتقابلين لا كل واحد منهما فهي زائدة محضة . وقد يقال قصد نفى الاستواء من كل منهما مقيسا إلى الاخر كأنه قيل : ولا يستوى الظلمات مع النور ولا النور مع الظلمات ( قوله ألا ترى ) يروى بغير واو فيكون كالبيان لما تقدم وضعفه ظاهر . والأولى العطف نظرا إلى جانب المعنى : أي ألا ترى إلى ما ثنى في التنزيل ، وألا ترى إلى قول ذي الرمة لتعلم كيف صنع في قصيدته حيث قال ( أذاك أم نمش ) وقد يقال أذاك في عبارة المصنف مفعول ( صنع ) أي كيف صنع هذين التمثيلين ( والنمش ) بفتح الميم نقط بيض وسود وثور نمش القوائم بكسرها أي فيها خطوط سود ، وقوله ( بالوشى ) إما ظرف مستقر وقع صفة لنمش : أعني لموصوفه المذكور ( وأكرعه ) فاعل له ، وإما لغو وأكرعه فاعل نمش : أي منتقش بالوشى أكرعه وبعده * مسفع الخد غاد ناشط شبب * ثم قال بعد أبيات : أذاك أم خاضب بالسني مرتعه * أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب ( والمسفع ) الأسود من السفعة وهى سواد في احتراق ( والغادى ) الذاهب ( والناشط ) هو الذي يخرج من أرض إلى أخرى فرحا ونشاطا . وفى الصحاح قال الأصمعي ( الشبب ) هو المسن ، من ثيران الوحش الذي انتهى أسنانه ، وقال أبو عبيدة : هو الذي انتهى شبابا . وفى المجمل هو الفتى من ثيران الوحش ، والمقصود واحد وهو ما تكامل سنه وبلغ غاية قوته ( والخاضب ) هو الظليم : أي الذكر من النعام إذا أكل الربيع احمرت ساقاه أو اصفرتا ، والسى المستوى من الأرض ، وهو ههنا علم أرض بعينها ، شبه أولا ناقته بحمار الوحش ثم قال : أذاك الحمار الذي مضى ذكره في الأبيات السابقة يشبه ناقتي أم ثور وحشى ، وأذاك الثور الوحشي يشبهها أم نعام ذكر له أفراخ ثلاثون ، دخل في المساء وهو منقلب إليها وهو أسرع ما يكون ، وإنما أدخل همزة الاستفهام مع عديلتها بين هذه التشبيهات دلالة على تحيره في وصف هذه الناقة وسرعة سيرها كأنه يسأل عن ذلك . وقيل دلالة على التسوية فذاك الأول إشارة إلى الحمار ، والثاني إلى الثور والنمش ، وهو مبتدأ خبره محذوف كما أشرنا إليه ، ولا يجوز أن يجعل خبر مبتدأ محذوف : أي أناقتى ذاك ، لأن معادل النمش الحمار لا الناقة ، كما أن معادل الظليم هو النمش دونها ( قوله وإظهاره الإيمان بالإضاءة ) اعتراض عليه بأنه يخالف ما تقدم من أن المشبه بالإضاءة هو الانتفاع
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 208