نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 193
ومنه رونق الضحى . والترشيح أن ترشح الأم ولدها باللبن القليل تجعله في فيه شيئا بعد شئ حتى يقوى على المص ، يقال فلان يرشح للوزارة : أي يربى ويؤهل لها ، وقيل أصله ترشيح الظبية ولدها ، وهو أن تعوده المشي ، ورشح الغزال : إذا مشى ونزا فهو راشح . وترشيح المجاز في الاصطلاح أن تقرنه بصفة أو تقريع كلام يلائم معناه الحقيقي ، وهو في الاستعارة كثير ، وقد يوجد في المجاز المرسل كما يقال لفلان يد طولى : أي قدرة كاملة . ثم إن ترشيح الاستعارة إنما يتصور بعد تمامها بقرينتها ، ولا شبهة أن التخييل في المكنية قرينة لها فلا يكون ترشيحا مع كونه ملائما للمستعار منه ، بل ما زاد عليه من ملائماته يعد ترشيحا لها ( قوله وذلك نحو قول العرب ) دل هذا الكلام على تصريحه أن المجاز المرشح إنما هو في هذه العبارة ، ولا حاجة إلى أن يقال : رأيت حمارا كأن أذني قلبه خطلاوان ، فيجعل الحمار استعارة ، وإثبات الأذن والخطل ترشيحا ، يقال أذن خطلاء : أي مسترخية طويلة ، وتحقيق ما صرح به أنهم استعاروا الحمار للبليد لا صريحا بل كناية حيث أثبتوا له بعض ما هو من لوازم الحمار وهو المشهور به : أعني الأذنين ، ثم قرن بها ما يلائم أذن الحمار وهو الاسترخاء ، فحق ظاهر الكلام أن يقال كأن أذنيه مطلاوان ، إلا أنهم أقحموا لفظ القلب لأنه محل الذكاء والبلادة ، فمنه نشأ التشابه بينهما . وأيضا لو قيل أذنيه لربما سبق الوهم إلى الأذنين الثابتتين له حقيقة ، فظهر أن الاستعارة لفظ الحمار الذي سكت عنه ، وأن التخييل الذي هو من تتمتها إثبات الأذنين ، والترشيح والخطل ، وليس لك أن تجعل قلبه مشبها بالحمار وإثبات الأذنين والخطل تخييلا وترشيحا كما يتوهم إذ لا حسن فيه ، ولا أن تجعل القلب عبارة عن البليد لأن إضافته إليه تبعده . وقوله ( روما ) تعليل للترشيح ، وقوله ( فادعوا لقلبه أذنين ) من تتمة ( جعلوه كالحمار ) كما أن قوله ( وادعوا لهما الخطل ) من تتمة ( ثم رشحوا ) فالكلام على طريقة اللف والنشر . وقوله ( ليمثلوا البلادة ) علة للدعاء الخطل . فإن قلت : لفظة كأن أبية عن الحمل على الاستعارة قلت : هي ههنا ليست للتشبيه كما في قولك كأن زيدا راكب على أنها لم تدخل فيما هو استعارة تدل على جعل البليد حمارا بل فيما هو ترشيح : أعني إثبات الخطل ، ونظيره من الاستعارة المصرحة أن يقال : جاوزت بحرا كأنه متلاطم الأمواج . وتحقيقه أن إثبات الملائمات كما يكون بطريق الجزم فقد يكون بطريق الظن والتشبيه . وقيل حرف التشبيه في مثل هذا المقام للتحقيق المؤكد وفيه بعد ( قوله ولما رأيت النسر ) استعار لفظ النسر للشيب ولفظ ( ابن دأية ) وهو الغراب للشعر الأسود ، ورشح الاستعارة بذكر التعشيش وهو أخذ العش ، وذكر الوكر وهو موضع الطائر الذي يأخذه للتفريخ . واعلم أن الترشيح قد يكون باقيا على حقيقته تابعا للاستعارة لا يقصد به إلا تقويتها كقولك رأيت أسدا وافى البراثن ؟ ؟ ، فإنك لا تريد به إلا زيادة تصوير للشجاع ، وأنه أسد كامل من غير أن تذهب بلفظ البراثن ؟ ؟ إلى معنى آخر وقد يكون مستعارا من ملائم المستعار منه لملائم المستعار له ، كما في البيت فإنه أستعير لفظ الوكرين من معناه الحقيقي للرأس واللحية أو للفودين : أعني جانبي الرأس . ولفظ التعشيش للحلول والنزول فيهما مع كونهما مستعارين
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 193