قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ( 249 ) ولَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وثَبِّتْ أَقْدامَنا وانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ( 250 ) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ والْحِكْمَةَ وعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ولَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ ولكِنَّ اللَّهً ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ ( 251 ) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 252 ) قدمنا في تفسير الآية 2 ان القرآن كتاب هدى ودين ، وأخلاق وشريعة ، لا كتاب قصص وتاريخ ، وفلسفة وعلوم طبيعية ، وانه سبحانه إذا أشار إلى حادثة تاريخية فإنما يشير إليها للعبرة والموعظة ، ويكتفي منها بمحل الشاهد ، وموضع الفائدة ، ولا يأتي بها مفصلة من جميع جهاتها ، وقد جاء التنبيه إلى ذلك في العديد من الآيات منها : « لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبابِ - يوسف 111 » . ومنها : « قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ - آل عمران 137 . إلى غير ذلك من الآيات . .
قال الشيخ محمد عبده :
« ان محاولة جعل قصص القرآن ككتب التاريخ بإدخال ما يروون فيها على انه بيان لها هي مخالفة لسنة القرآن ، وصرف للقلوب عن موعظته ، وإضاعة لمقصده وحكمته ، فالواجب أن نفهم ما فيه ، ونعمل أفكارنا في استخراج العبر منه ، وننزع من نفوسنا ما ذمه وقبحه ، ونحملها على التحلي بما مدحه واستحسنه » .
وقد أشار سبحانه إلى قصة طالوت في الآية 246 - 252 ، ونذكرها نحن كما دلت عليها ألفاظ هذه الآيات ، ثم نشير إلى موضع العبرة والعظة .