والجزا طاهر لان حاصله : إن لم تبلغ الرسالة لم تبلغ الرسالة باتحاد المبتدا والخبر حتى لا يزيد الخبر عليه شيئا في الظاهر كقوله * أنا أبو النجم وشعري شعري * فجعل الخبر عين المبتدأ بلا مزيد في اللفظ ، وأراد وشعري شعري المشهور بلاغته والمستفيض فصاحته ، ولكنه أفهم بالسكوت عن هذه الصفات التي بها تحصل الفائدة أنها من لوازم شعره في أفهام الناس السامعين لاشتهاره بها ، وأنه غني عن ذكرها لشهرتها وذياعها ، وكذلك أريد في الآية لأن عدم تبليغ الرسالة أمر معلوم عند الناس مستقر في الافهام أنه عظيم شنيع ينقم على مرتكبه ، بل عدم نشر العلم من العالم أمر فظيع فضلا عن كتمان الرسالة من الرسول ، فاستغنى عن ذكر الزيادات التي يتفاوت بها الشرط أو الجزاء للصوقها بالجزاء في الافهام ، وأن كل من سمع عدم تبليغ الرسالة فهم ما وراءه من الوعيد والتهديد وحسن هذا الأسلوب في الكتاب العزيز بذكر الشرط عاما بقوله وإن لم تفعل ، ولم يقل وإن لم تبلغ الرسالة فما بلغت الرسالة حتى يكون اللفظ متغايرا ، وهذه المغايرة اللفظية وإن كان المعنى واحدا أحسن رونقا وأظهر طلاوة من تكرار اللفظ الواحد في الشرط والجزاء ، وهذه الذروة انحط عنها أبو النجم بذكر المبتدا بلفظ الخبر ، وحق له أن تتضاءل فصاحته عند فصاحة المعجز فلا يعاب عليه في ذلك ، وهذا الفصل كالباب من علم البيان ، والله الموفق .
قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى ) الآية . قال فيه ( الصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف الخ ) قال أحمد : صدق لا ورود للسؤال بهذا التوجيه ، ولكن ثم سؤال متوجه
