قوله تعالى ( ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ) قال : فيه دليل على أن الايمان لا ينجي الخ . قال أحمد : هو ينتهز الفرصة من ظاهر هذه الآية فيجعله دليلا على قاعدته في أن مجرد الايمان لا ينجي من الخلود في النار حتى ينضاف إليه التقوى ، لان الله تعالى جعل المجموع في هذه الآية شرطا للتكفير ولادخال الجنة ، وظاهره أنهما ما لم يجتمعا لا يوجد تكفير ولا دخول الجنة ، وأنى له ذلك والاجماع والاتفاق من الفريقين أهل السنة والمعتزلة على أن مجرد الايمان يجب ما قبله ويمحوه كما ورد النص ، فلو فرضنا موت الداخل في الايمان عقيب دخوله فيه لكان كيوم ولدته أمه باتفاق مكفرا الخطايا محكوما له بالجنة ، فدل ذلك على أن اجتماع الامرين ليس بشرط ، هذا إن كان المراد بالتقوى الأعمال ، وإن كانت التقوى على أصل وضعها الخوف من الله عز وجل فهذا المعنى ثابت لكل مؤمن وإن قارف الكبائر ، وحينئذ لا يتم للزمخشري منه غرض ، وما هذا إلا إلحاح أو لجاج في مخالفة المعتقد المستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام ( من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى أو سرق ) كررها النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ثم قال ( وإن رغم أنف أبي ذر ) لما راجعه رضي الله عنه في ذلك ، ونحن نقول : وإن رغم أنف القدرية .
