قوله تعالى ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ) قال محمود ( لم يبعث في أمة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء الخ ) قال أحمد :
والحامل على تفسير الملك بهذه التفاسير أن الله تعالى أنبأ في ظاهر الكلام أنه جعل الجميع ملوكا بقوله - وجعلكم ملوكا - ولم يقل وجعل فيكم ملوكا كما قال - جعل فيكم أنبياء - فلما عمم الملك فيهم ولا شك أن الملك المعهود وهو الاستيلاء العام لم يثبت لكل أحد منهم ، فيتعين حمل الملك على ما كان ثابتا لجميعهم أو لأكثرهم من الابعاض المذكورة ، هذا هو الباعث على تفسير الملك بذلك والله أعلم . وهذا المعنى وإن لم يثبت لكل واحد منهم إلا أنه كان ثابتا لملوكهم وهم منهم ، إذ إسرائيل الأب الأقرب يجمعهم ، فلما كانت ملوكهم منهم وهم أقرباؤهم وأشياعهم وملتبسون بهم جاز الامتنان عليهم بهذه الصنيعة والمعنى مفهوم ، وهذا بعينه هو التقرير السالف آنفا في قول اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه * وما بالعهد من قدم * فإن قلت : فلم لم يقل إذ جعلكم أنبياء لان الأنبياء منهم كما قلت في الملوك ؟ قلت : النبوة مزية غير الملك ، وآحاد الناس يشارك الملك في كثير مما به صار الملك ملكا ، ولا كذلك النبوة فإن درجتها أرفع من أن يشرك من لم تثبت له مع الثابتة نبوته في مزيتها وخصوصيتها ونعتها ، فهذا هو سر تمييز الأنبياء وتعميم الملوك ، والله أعلم .
