ومدار هذا البحث على النكتة التي نبهت عليها ، فمتى استقام اشتمال المذكور أياما على فائدة لم يشتمل عليها الأول بأي طريق كان من تفضيل أو غيره من الفوائد فقد استد النظر وطابق صيغة الآية ، والله أعلم . وعلى الجملة فالمسألة سمعية والقطع فيها معروف بالنص الذي لا يحتمل تأويلا ووجوده عسر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وما أحسن تأكيد الزمخشري لاستدلاله يبعث الملائكة المعنيين بأنهم المقربون ، ومن ثم ينشي ظهور من فصل القول في الملائكة والأنبياء فلم يعمم التفضيل في الملائكة ولا في الأنبياء بل فصل ثم فضل ، وليس الغرض إلا ذكر محامل الآية لا البحث في اختلاف المذاهب ، والله الموفق .
قوله تعالى ( ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر ، إلى قوله : ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) قال ( إن قلت التفصيل غير مطابق للمفصل الخ ) قال أحمد : المراد بالمفصل من لم يستنكف ومن استنكف لسبق ذكرهما . ألا ترى أن المسيح والملائكة المقربين ومن دونهم من عباد الله لم يستنكفوا عن عبادة الله وقد جرى ذكرهم ويرشد إليه تأكيد الضمير بقوله - جميعا - فكأنه قال : فسيحشر إليه المقربين وغيرهم جميعا . ووقوع الفعل المتصل به الضمير جزاء لقوله : ومن يستنكف ، لا يعين اختصاص الضمير بالمستنكفين ، لان المصحح لارتباط الكلام قد وجد مندرجا في طي الضمير الشامل لهم ولغيرهم ، وحينئذ يكون المفصل مشتملا على الفريقين وتفصيله منطبق عليه ، والله أعلم .
