قال ( فإن قلت : كيف خص الصالحون بأنهم لا يظلمون وغيرهم مثلهم في ذلك ) . قلت فيه وجهان : أحدهما أن يكون الراجع في ( ولا يظلمون ) لعمال السوء وعمال الصالحات جميعا . والثاني أن يكون ذكره عند أحد الفريقين دالا على ذكره عند الآخر ، لان كلا الفريقين مجزيون بأعمالهم لا تفاوت بينهم ، ولان ظلم المسئ أن يزاد في عقابه ، وأرحم الراحمين معلوم أنه لا يزيد في عقاب المجرم ، فكان ذكره مستغنى عنه . وأما المحسن فله ثواب وتوابع للثواب من فضل الله هي في حكم الثواب ، فجاز أن ينقص من الفضل لأنه ليس بواجب ، وكان نفي الظلم دلالة على أنه لا يقع نقصان في الفضل انتهى كلامه . قلت : مدار هذا التطويل بالسؤال والجواب على بث المعتقد الفاسد في أن الله تعالى يجب عليه أن يثيب على الطاعات ، وأن الثواب منقسم إلى واجب ليس بفضل ، والى زيادة على الواجب وهي الفضل خاصة ، وهذا المعتقد هو الذي يصدق عليه أن الشيطان مناه للقدرية حتى زعموا أن لهم على الله واجبا ، تعالى الله عن ذلك ، إن الله لغني عن عمل يوجب عليه حقا جل الله وعز ، لقد نفخ الشيطان بهذه الأمنية في آذان القدرية . اللهم لا عمدة لنا إلا فضلك فأجزل نصيبنا منه يا كريم .
