نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 87
على أن الانسان مختار في فعله ، غير مجبور عليه عند إصداره . وكل عاقل يرى أن حركته على الأرض عند مشيه عليها تغاير حركته عند سقوطه من شاهق إلى الأرض ، فيرى أنه مختار في الحركة الأولى ، وأنه مجبور على الحركة الثانية . وكل إنسان عاقل يدرك بفطرته أنه وإن كان مختارا في بعض الأفعال حين يصدرها وحين يتركها إلا أن أكثر مبادئ ذلك الفعل خارجة عن دائرة اختياره ، فإن من جملة مبادئ صدور الفعل نفس وجود الانسان وحياته ، وإدراكه للفعل ، وشوقه إليه ، وملاءمة ذلك الفعل لقوة من قواه ، وقدرته على إيجاده ، ومن البين أن هذا النوع من المبادئ خارج عن دائرة اختيار الانسان ، وأن موجد هذه الأشياء في الانسان هو موجد الانسان نفسه . وقد ثبت في محله أن خالق هذه الأشياء في الانسان لم ينعزل عن خلقه بعد الايجاد ، وأن بقاء الأشياء واستمرارها في الوجود محتاج إلى المؤثر في كل آن ، وليس مثل خالق الأشياء معها كالبناء يقيم الجدار بصنعه ، ثم يستغني الجدار عن بانيه ، ويستمر وجوده وإن فني صانعه ، أو كمثل الكاتب يحتاج إليه الكتاب في حدوثه ، ثم يستغني عنه في مرحلة بقائه واستمراره . بل مثل خالق الأشياء معها " ولله المثل الاعلى " كتأثير القوة الكهربائية في الضوء . فإن الضوء لا يوجد إلا حين تمده القوة بتيارها ، ولا يزال يفتقر في بقاء وجوده إلى مدد هذه القوة في كل حين ، فإذا انفصل سلكه عن مصدر القوة في حين ، انعدم الضوء في ذلك الحين كأن لم يكن . وهكذا تستمد الأشياء وجميع الكائنات وجودها من مبدعها الأول في كل وقت من أوقات حدوثها وبقائها ، وهي مفتقرة إلى مدده في كل حين ، ومتصلة برحمته الواسعة التي وسعت كل شئ . وعلى ذلك ففعل العبد وسط بين الجبر والتفويض ، وله حظ من كل منهما . فإن إعمال قدرته في الفعل أو الترك وإن كان باختياره . إلا أن هذه القدرة وسائر المبادئ حين الفعل تفاض من الله ، فالفعل مستند إلى العبد من جهة والى الله من جهة أخرى والآيات
نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 87