نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 59
والغارات متواصلة فيما بينهم ، والقلوب متجهة إلى النهب والغنيمة ، والخطى مسرعة إلى إصلاء نيران الحروب والمعارك . وكان للعرب القسم الوافر من خرافات العقيدة ، ووحشية السلوك ، فلا دين يجمعهم ، ولا نظام يربطهم وعادات الآباء تذهب بهم يمينا وشمالا ، وكان الوثنيون في بلاد العرب هم السواد الأعظم فكانت لهم - باختلاف قبائلهم وأسرهم - آلهة يعبدونها ويتخذونها شفعاء إلى الله ، وشاع بينهم الاستقسام بالأنصاب والأزلام ، واللعب بالميسر ، حتى كان الميسر من مفاخرهم [1] وكان من عاداتهم التزويج بنساء الآباء [2] ولهم عادة أخرى هي أفظع منها - وهي وأد البنات - دفنهن في حال الحياة [3] . هذه بعض عادات العرب في جاهليتهم . وحين بزغ نور محمد - ص - وأشرقت شمس الاسلام في مكة ، تنوروا بالمعارف ، وتخلقوا بمكارم الأخلاق ، فاستبدلوا الوثنية بالتوحيد ، والجهل بالعلم ، والرذائل بالفضائل ، والشقاق والتخالف بالاخاء والتآلف ، فأصبحوا أمة وثيقة العرى مدت جناح ملكها على العالم ، ورفعت أعلام الحضارة في أقطار الأرض وأرجائها . قال الدوري [4] : " وبعد ظهور الذي جمع قبائل العرب أمة واحدة ، تقصد مقصدا واحدا ، ظهرت للعيان أمة كبيرة ، مدت جناح ملكها من نهر تاج إسبانيا إلى نهر الجانج في الهند ، ورفعت على منار الإشادة أعلام التمدن في أقطار الأرض ، أيام كانت أوروبا مظلمة بجهالات أهلها في القرون المتوسطة . ثم قال : إنهم كانوا في القرون المتوسطة مختصين بالعلوم من بين سائر الأمم ، وانقشعت
[1] بلوغ الإرب ج 3 ص 50 طبع مصر [2] نفس المصدر ج 2 ص 52 . [3] نفس المصدر ج 3 ص 43 [4] هو أحد وزراء فرنسا السابقين .
نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 59