نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 456
الذي يستحيل عليه الاستكمال . وفعله إنما هو إحسان محض يرجع نفعه إلى المخلوقين . وأما الفعل الحسن الصادر من غيره فهو وإن كان إحسانا إلى أحد في بعض الأحيان ، إلا أنه إحسان إلى نفسه أولا وبالذات ، وبه يدرك كماله : " إن أحسنتم أحسنت لأنفسكم 17 : 7 " . فالاحسان المحض إنما هو فعل الله تعالى لا غير فهو المستحق للحمد دون غيره وإلى ذلك أشير بجملة : " الرحمن الرحيم " . ثم إن الثناء على الفعل الجميل قد يكون ناشئا عن إدراك الحامد حسن ذات الفاعل وصفاته من دون نظر إلى إنعامه ، أو الرغبة فيه ، أو الرهبة منه . وقد يكون ناشئا عن النظر إلى أحد هذه الأمور الثلاثة ، فقد أشير إلى المنشأ الأول بجملة : " الحمد لله " فالحامد يحمده تعالى بما أنه مستحق للحمد في ذاته ، وبما أنه مستجمع لجميع صفات الكمال منزه عن جميع جهات النقص . وأشير إلى المنشأ الثاني بجملة : " رب العالمين " فإنه المنعم على عباده بالخلق والايجاد ، ثم بالتربية والتكميل . وأشير إلى المنشأ الثالث بجملة : " الرحمن الرحيم " . فان صفة الرحمة تستدعي الرغبة في نعمائه تعالى وطلب الخير منه . وأشير إلى المنشأ الرابع بقوله : " مالك يوم الدين " ، فان من تنتهي إليه الأمور ويكون إليه المنقلب جدير بأن ترهب سطوته ، وتحذر مخالفته . وقد يكون الوجه هو بيان أن يوم الدين هو يوم ظهور العدل والفضل الإلهيين ، وكلاهما جميل لا بد من حمده تعالى لأجله ، فكما أن أفعاله في الدنيا من الخلق والتربية والاحسان كلها أفعال جميلة يستحق عليها الحمد فكذلك أفعاله في الآخرة من العفو والغفران وإثابة المطيعين ، وعقاب العاصين كلها أفعال جميلة يستوجب الحمد بها . ومما بيناه يتضح أن جملة : " الرحمن الرحيم " ليس تكرارا أتي بها للتأكيد - كما زعمه بعض المفسرين - بل هي لبيان منشأ اختصاص الحمد به تعالى فلا يغني عنه ذكرها أولا في مقام التيمن والتبرك ، وهو ظاهر .
نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 456