نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 38
معرفة ذلك تختص بعلماء الصنعة التي يشابهها ذلك المعجز ، فإن علماء أي صنعة أعرف بخصوصياتها ، وأكثر إحاطة بمزاياها ، فهم يميزون بين ما يعجز البشر عن الاتيان بمثله وبين ما يمكنهم . ولذلك فالعلماء أسرع تصديقا بالمعجز . أما الجاهل فباب الشك عنده مفتوح على مصراعيه ما دام جاهلا بمبادئ الصنعة ، وما دام يحتمل أن المدعي قد اعتمد على مبادئ معلومة عند الخاصة من أهل تلك الصنعة ، فيكون متباطئا عن الاذعان . ولذلك اقتضت الحكمة الإلهية أن يخص كل نبي بمعجزة تشابه الصنعة المعروفة في زمانه ، والتي يكثر العلماء بها من أهل عصره ، فإنه أسرع للتصديق وأقوم للحجة ، فكان من الحكمة أن يخص موسى عليه السلام بالعصا واليد البيضاء لما شاع السحر في زمانه وكثر الساحرون . ولذلك كانت السحرة أسرع الناس إلى تصديق ذلك البرهان والاذعان به ، حين رأوا العصا تنقلب ثعبانا ، وتلقف ما يأفكون ثم ترجع إلى حالتها الأولى . رأى علماء السحر ذلك فعلموا أنه خارج عن حدود السحر وآمنوا بأنه معجزة إلهية . وأعلنوا إيمانهم في مجلس فرعون ولم يعبأوا بسخط فرعون ولا بوعيده . وشاع الطب اليوناني في عصر المسيح عليه السلام وأتى الأطباء في زمانه بالعجب العجاب ، وكان للطب رواج باهر في سوريا وفلسطين ، لأنهما كانتا مستعمرتين لليونان ، وحين بعث الله نبيه المسيح في هذين القطرين شاءت الحكمة أن تجعل برهانه شيئا يشبه الطب ، فكان من معجزاته أن يحيي الموتى ، وأن يبرئ الأكمه والأبرص . ليعلم أهل زمانه أن ذلك شئ خارج عن قدرة البشر ، وغير مرتبط بمبادئ الطب ، وأنه ناشئ عما وراء الطبيعة . وأما العرب فقد برعت في البلاغة ، وامتازت بالفصاحة ، وبلغت الذروة في فنون الأدب ، حتى عقدت النوادي وأقامت الأسواق للمباراة في الشعر والخطابة . فكان المرء يقدر على ما يحسنه من الكلام ، وبلغ من تقدير هم للشعر أن عمدوا لسبع قصائد من خيرة الشعر القديم ، وكتبوها بماء الذهب في القباطي ،
نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 38