أحدهما : أنّ الّذي ابتدع السماوات والأرض من غير مثال هو الّذي ابتدع المسيح من غير والد .
والآخر : أنّ من هذه صفته ، لا يجوز عليه اتخاذ الولد ، كما لا يجوز صفات النقص عليه تعالى عن ذلك ، وإذا حملنا الآية على وجود المثال ، فوجود الخلق هو كقوله : كُنْ إلاّ أنّه خرج على تقدير فعلين ، كما يقال : إذا تكلّم فلان بشيء فإنّما كلامه مباح ، وإذا أمر بشيء فإنّما كلامه مباح ، وإذا أمر بشيء فإنّما هو حتم ، وكما قال : تاب فاهتدى ، فتوبته هي اهتداؤه ، فلا يتعذّر أن يقال : كن قبله أو معه .
ومتى حملنا ذلك على أنّه علامة للملائكة فإنّه يحتمل أن يكون معه ، ويحتمل أن يكون قبله ، كما تقول : إذا قدم زيد قدم عمرو ، فإنّه يحتمل أن يكون وقتاً للأمرين معاً إلاّ أنّه أشبه الشرط ، كقولك : إن جئتني أعطيتك ، ولذلك دخلت الفاء في الجواب ، كما يجيىء في الشرط ، كقوله : * ( إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) * [1] وكذلك تحتمل الآية الأمرين .
قوله تعالى : * ( وقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآْياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) * آية بلا خلاف ( 118 ) .
المعني بهذه الآية في قول مجاهد : النصارى ، وقول ابن عباس : اليهود ، وفي قول الحسن وقتادة : مشركوا العرب ، وكلّ ذلك يحتمل ، غير أنّه لمشركي العرب أليق ، لأنّه يشاكل ما طلبوا حين قالوا : * ( لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنْ