فطاوعت همي وانجلى وجه بازل * * من الأمر لم يترك خلاجاً بزولها [1] يريد انجلى البازل من الأمر .
وقال ابن عباس : أسلم وجهه لله أخلص عمله لله ، وقال الربيع : أخلص لله ، وقال الحسن : يعني بوجهه وجهه في الدين ، وقيل : معناه استسلم لأمر الله .
وقوله : * ( وَهُوَ مُحْسِنٌ ) * في موضع نصب ، لأنّه في موضع الحال ، وإنّما قال : * ( فَلَهُ أَجْرُهُ ) * على التوحيد ، ثم قال : * ( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * على الجمع لأنّ من لفظها لفظ الواحد ومعناها الجمع ، فمرة تحمل على اللفظ ، وأخرى على المعنى ، كما قال : * ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ) * [2] وفي موضع آخر * ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) * [3] . وقال الفرزدق :
تعال فإن عاهدتني لا تخونني * * نكن مثل من يا ذئب يصطحبان [4] فثنّى واللفظ واحد لأجل المعنى .
فإن قيل : إذا كان قد ذكر * ( فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) * فلم قال : * ( وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) * ؟ قيل عن ذلك جوابان :
أحدهما : الدلالة على أنّهم على يقين لا على رجاء يخاف معه ألاّ يكون الموعود به ، والثاني : الفرق بين حالهم ، وبين حال أهل العقاب الّذي يخافون ويحزنون .