نام کتاب : نواسخ القرآن نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 109
ولكن * ( حق تقاته ) * ان تجاهدوا في الله حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم وأبنائهم . وهذا مذهب طاوس وهو الصحيح لأن التقوى : هو اجتناب ما نهى الله عنه ولم ينه عن شئ ولا أمر به إلا وهو داخل تحت الطاقة كم قال عز وجل * ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) * . فالآيتان متوافقتان والتقدير : اتقوا الله حق تقاته ما استطعتم فقد فهم الأولون من الآية تكليف ما لا يستطاع فحكموا بالنسخ وقد رد عليهم وذلك قوله : * ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) * وإنما قوله * ( حق تقاته ) * كقوله حق جهاده الحق ها هنا بمعنى الحقيقة ثم إن هفوة المذنب لا تنافي ان يكون مكلفا للتحفظ وإنما شرع الاستغفار والتوبة بوقوع الهفوات . وقال أبو جعفر النحاس : ( معنى قول الأولين نسخت هذه الآية أي أنزلت الأخرى بنسختها وهما واحد وإلا فهذا لا يجوز أن ينسخ لأن الناسخ هو المخالف للمنسوخ من جميع جهاته الرافع له المزيل حكمه ) . وقال ابن عقيل : ليست منسوخة لأن قوله : * ( ما استطعتم ) * بيان لحق تقاته وأنه تحت الطاقة فمن سمى بيان القرآن نسخا فقد أخطأ وهذا في تحقيق الفقهاء يسمى : تفسير مجمل أو بيان مشكل وذلك أن القوم ظنوا أن ذلك تكليف ما لا يطاق فأزال الله أشكالهم فلو قال : لا تتقوه حق تقاته كان نسخا وإنما بين أني لم أرد بحق التقاة ما ليس في الطاقة . ذكر الآية الثامنة : قوله تعالى : * ( لن يضروكم إلا أذى ) * قال جمهور المفسرين : معنى الكلام : لن يضروكم ضرا باقيا في جسد أو مال إنما هو شئ يسير سريع الزوال وتثابون عليه .
نام کتاب : نواسخ القرآن نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 109