نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 526
* ( وثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) * [ المدثر / 4 ] ، قيل : معناه نفسك فنقّها من المعايب ، وقوله : * ( وطَهِّرْ ) * بَيْتِيَ [ الحج / 26 ] ، وقوله : * ( وعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا ) * بَيْتِيَ [ البقرة / 125 ] ، فحثّ على تَطْهِيرِ الكعبة من نجاسة الأوثان . وقال بعضهم : في ذلك حثّ على تَطْهِيرِ القلبِ لدخول السّكينة فيه المذكورة في قوله : * ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) * [ الفتح / 4 ] ، والطَّهُورُ قد يكون مصدرا فيما حكى سيبويه [1] في قولهم : تَطَهَّرْتُ طَهُوراً ، وتَوَضَّأْتُ وَضُوءاً ، فهذا مصدر على فَعُولٍ ، ومثله وَقَدْتُ وَقُوداً ، ويكون اسما غير مصدر كالفَطُورِ في كونه اسما لما يفطر به ، ونحو ذلك : الوَجُور والسَّعُوط والذَّرُور [2] ، ويكون صفة كالرّسول ونحو ذلك من الصّفات ، وعلى هذا * ( وسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً ) * [ الإنسان / 21 ] ، تنبيها أنه بخلاف ما ذكره في قوله : * ( ويُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ ) * [ إبراهيم / 16 ] ، * ( وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) * [ الفرقان / 48 ] . قال أصحاب الشّافعيّ رضي اللَّه عنه : الطَّهُورُ بمعنى المُطَهِّرِ ، وذلك لا يصحّ من حيث اللَّفظ لأنّ فَعُولا لا يُبْنَى من أَفْعَلَ وفَعَّلَ ، وإنما يبنى ذلك من فَعُلَ [3] . وقيل : إنّ ذلك اقتضى التَّطْهِيرَ من حيث المعنى ، وذلك أنّ الطَّاهِرَ ضربان : ضربٌ لا يتعدّاه الطَّهَارَةُ كطَهَارَةِ الثّوبِ ، فإنه طَاهِرٌ غيرُ مُطَهَّرٍ به ، وضرب يتعدّاه ، فيجعل غيره طَاهِراً به ، فوصف اللَّه تعالى الماء بأنّه طهور تنبيها على هذا المعنى .
[1] الكتاب 4 / 42 . [2] السّعوط : كل شيء صببته في الأنف ، والوجور : في الفم ومثله النّشوق ، واللَّدود . راجع في ذلك المخصص 5 / 101 - 102 ، وتصحيح الفصيح 1 / 155 والحجة للفارسي 2 / 323 ، وما بين [ ] مأخوذ من الحجة للفارسي . [3] قال أبو بكر ابن العربي : إنّي تأملته من طريق العربية فوجدت فيها مطلعا شريفا ، وهو أنّ بناء ( فعول ) للمبالغة ، إلا أنّ المبالغة قد تكون في الفعل المتعدي ، كما قال الشاعر : ضروب بنصل السيف سوق سمائها وقد تكون في الفعل القاصر ، كما قال الشاعر : نؤوم الضّحى لم تنتطق عن تفضّل فوصفه الأول بالمبالغة في الضرب ، وهو فعل يتعدّى ، ووصفها الثاني بالمبالغة في النوم ، وهو فعل لا يتعدّى ، وإنما تؤخذ طهورية الماء لغيره من الحسن نظافة ، ومن الشرع طهارة . وقد يأتي بناء ( فعول ) لوجه آخر ، وهو العبارة به عن آلة الفعل لا عن الفعل ، كقولنا : وقود وسحور ، فإنه عبارة عن الحطب ، وعن الطعام المتسحّر به ، وكذلك وصف الماء بأنه طهور يكون بفتح الطاء خبرا عن الآلة التي يتطهر بها . فإذا ضممت الفاء في الوقود والسحور والطهور عاد إلى الفعل ، وكان خبرا عنه فثبت بهذا أنّ اسم الفعول يكون بناء للمبالغة ، ويكون خبرا عن الآلة ، وبعد هذا يقف البيان به عن المبالغة ، أو عن الآلة على الدليل ، مثاله قوله تعالى : * ( وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً وقوله صلَّى اللَّه عليه وسلم : « وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » . راجع : أحكام القرآن 3 / 1417 .
نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني جلد : 1 صفحه : 526