responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 79


وقال آخر : لكل هم من الهموم سعة * والصبح والمساء لا فلاح معه وقيل رجع الضمير إليهما بعد تأويلهما بالعبادة ، وقيل رجع إلى المصدر المفهوم من قوله ( واستعينوا ) وهو الاستعانة ، وقيل رجع إلى جميع الأمور التي نهى عنها بنو إسرائيل . والكبيرة التي يكبر أمرها ويتعاظم شأنها على حاملها لما يجده عند تحملها والقيام بها من المشقة ، ومنه - كبر على المشركين ما تدعوهم إليه - . والخاشع : هو المتواضع ، والخشوع : التواضع . قال في الكشاف والخشوع : الإخبات والتطامن ، ومنه الخشعة للرملة المتطامنة وأما الخضوع : فاللين والانقياد ، ومنه خضعت بقولها : إذا لينته انتهى . وقال الزجاج : الخاشع الذي يرى أثر الذل والخشوع عليه كخشوع الدار بعد الأقوى ، ومكان خاشع : لا يهتدي إليه ، وخشعت الأصوات : أي سكنت ، وخشع ببصره : إذا غضه ، والخشعة : قطعة من الأرض رخوة . وقال سفيان الثوري : سألت الأعمش عن الخشوع فقال : يا ثوري أنت تريد أن تكون إماما للناس ولا تعرف الخشوع ؟ ليس الخشوع بأكل الخشن ولبس الخشن وتطأطئ الرأس ، لكن الخشوع أن ترى الشريف والدنئ في الحق سواء ، وتخشع لله في كل فرض افترض عليك انتهى . وما أحسن ما قاله بعض المحققين في بيان ماهيته : إنه هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع ، واستثنى سبحانه الخاشعين مع كونهم باعتبار استعمال جوارحهم في الصلاة ، وملازمتهم لوظائف الخشوع الذي هو روح الصلاة ، وإتعابهم لأنفسهم إتعابا عظيما في الأسباب الموجبة للحضور والخضوع لأنهم لما يعلمونه من تضاعف الأجر وتوفر الجزاء والظفر بما وعد الله به من عظيم الثواب ، تسهل عليهم تلك المتاعب ، ويتذلل لهم ما يرتكبونه من المصاعب ، بل يصير ذلك لذة لهم خالصة وراحة عندهم محضة ، ولأمر ما هان على قوم ما يلاقونه من حر السيوف عند تصادم الصفوف ، وكانت الأمنية عندهم طعم المنية حتى قال قائلهم :
ولست أبالي حين أقتل مسلما * على أي جنب كان في الله مصرعي والظن هنا عند الجمهور بمعنى اليقين ، ومنه قوله تعالى - إني ظننت أني ملاق حسابيه - وقوله - وظنوا أنهم مواقعوها - ومنه قول دريد بن الصمة :
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج * سراتهم بالفارسي المسود وقيل إن الظن في الآية على بابه ، ويضمر في الكلام بذنوبهم ، فكأنهم توقعوا لقاءه مذنبين ، ذكره المهدوي والماوردي ، والأول أولى . وأصل الظن : الشك مع الميل إلى أحد الطرفين ، وقد يقع موقع اليقين في مواضع ، منها هذه الآية . ومعنى قوله ( ملاقوهم ربهم ) ملاقوا جزائه ، والمفاعلة هنا ليست على بابها ، ولا أرى في حمله على أصل معناه من دون تقدير المضاف بأسا . وفي هذا مع ما بعده من قوله ( وأنهم إليه راجعون ) إقرار بالبعث وما وعد الله به في اليوم الآخر . وقد أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( واركعوا ) قال : صلوا . وأخرج ابن أبي حاتم أيضا عن مقاتل في قوله ( واركعوا مع الراكعين ) قال : أمرهم أن يركعوا مع أمة محمد يقول : كونوا منهم ومعهم . وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله تعالى ( أتأمرون الناس بالبر ) الآية ، قال : أولئك أهل الكتاب كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب ولا ينتفعون بما فيه . وأخرج الثعلبي والواحدي عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة ، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذي قرابته ولمن بينه وبينه رضاع من المسلمين : أثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل ، يعنون محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، فإن أمره حق ، وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه . وأخرج ابن جرير عنه

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست