responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 457


كون تجارة عن تراض منكم حلالا لكم . وقوله ( عن تراض ) صفة لتجارة : أي كائنة عن تراض ، وإنما نص الله سبحانه على التجارة دون سائر أنواع المعاوضات لكونها أكثرها وأغلبها ، وتطلق التجارة على جزاء الأعمال من الله على وجه المجاز ، ومنه قوله تعالى - هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم - وقوله - يرجون تجارة لن تبور - .
واختلف العلماء في التراضي ، فقالت طائفة : تمامه وجوبه بافتراق الأبدان بعد عقد البيع ، أو بأن يقول أحدهما لصاحبه : اختر كما في الحديث الصحيح " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه : اختر " .
وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين ، وبه قال الشافعي والثوري والأوزاعي والليث وابن عيينة وإسحاق وغيرهم . وقال مالك وأبو حنيفة : تمام البيع هو أن يعقد البيع بالألسنة فيرتفع بذلك الخيار وأجابوا عن الحديث بما لا طائل تحته . وقد قرئ تجارة بالرفع على أن كان تامة ، وتجارة بالنصب على أنها ناقصة . قوله ( ولا تقتلوا أنفسكم ) أي لا يقتل بعضكم أيها المسلمون بعضا إلا بسبب أثبته الشرع ، أو لا تقتلوا أنفسكم باقتراف المعاصي أو المراد النهى عن أن يقتل الإنسان نفسه حقيقة . ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني . ومما يدل على ذلك احتجاج عمرو بن العاص بها حين لم يغتسل بالماء المارد حين أجنب في غزاة ذات السلاسل ، فقرر النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجاجه وهو في مسند أحمد وسنن أبي داود وغيرهما . قوله ( ومن يفعل ذلك ) أي القتل خاصة أو أكل أموال الناس ظلما والقتل عدوانا وظلما ، وقيل هو إشارة إلى كل ما نهى عنه في هذه السورة وقال ابن جرير : إنه عائد على ما نهى عنه من آخر وعيد قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ) لأن كل ما نهى عنه من أول السورة قرن به وعيد إلا من قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم ) فإنه لا وعيد بعده إلا قوله ( ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما ) والعدوان : تجاوز الحد . والظلم : وضع الشئ في غير موضعه ، وقيل إن معنى العدوان والظلم واحد ، وتكريره لقصد التأكيد كما في قول الشاعر :
* وألفى قولها كذبا ومينا * وخرج بقيد العدوان والظلم ما كان من القتل بحق كالقصاص وقتل المرتد وسائر الحدود الشرعية وكذلك قتل الخطأ . قوله ( فسوف نصليه ) جواب الشرط : أي ندخله نارا عظيمة ( وكان ذلك ) أي إصلاؤه النار ( على الله يسيرا ) لأنه لا يعجزه بشئ . وقرئ " نصليه " بفتح النون ، روى ذلك عن الأعمش والنخعي ، وهو على هذه القراءة منقول من صلى ، ومنه شاة مصلية . قوله ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) أي إن تجتنبوا كبائر الذنوب التي نهاكم الله عنها ( نكفر عنكم سيئاتكم ) أي ذنوبكم التي هي صغائر ، وحمل السيئات على الصغائر هنا متعين لذكر الكبائر قبلها ، وجعل اجتنابها شرطا لتكفير السيئات .
وقد اختلف أهل الأصول في تحقيق معنى الكبائر ثم في عددها ، فأما في تحقيقها فقيل إن الذنوب كلها كبائر ، وإنما يقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ، كما يقال : الزنا صغيرة بالإضافة إلى الكفر ، والقبلة المحرمة صغيرة بالإضافة إلى الزنا ، وقد روى نحو هذا عن الأسفرايني والجويني والقشيري وغيرهم قالوا والمراد بالكبائر التي يكون اجتنابها سببا لتكفير السيئات هي الشرك ، واستدلوا على ذلك بقراءة من قرأ ( إن تجتنبوا كبير ما تنهون عنه ) وعلى قراءة الجمع ، فالمراد أجناس الكفر ، واستدلوا على ما قالوه بقوله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) قالوا : فهذه الآية مقيدة لقوله ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ) وقال ابن عباس : الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب . وقال ابن مسعود :
الكبائر ما نهى الله عنه في هذه السورة إلى ثلاث وثلاثين آية . وقال سعيد بن جبير كل ذنب نسبه الله إلى النار

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست