responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 39


الاستواء غير مراد بهما ما هو أصلهما من الاستفهام ، وصح الابتداء بالفعل والإخبار / عنه بقوله : سواء ، هجرا لجانب اللفظ إلى جانب المعنى ، كأنه قال : الإنذار وعدمه سواء ، كقولهم : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه : أي سماعك . وأصل الكفر في اللغة : الستر والتغطية ، قال الشاعر . في ليلة كفر النجوم غمامها أي سترها ، ومنه سمى الكافر كافرا لأنه يغطي بكفره ما يجب أن يكون عليه من الإيمان . والإنذار : الإبلاغ والإعلام .
قال القرطبي : واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ، فقيل : هي عامة ومعناها الخصوص فيمن سبقت عليه كلمة العذاب ، وسبق في علم الله أنه يموت على كفره . أراد الله تعالى أن يعلم الناس أن فيهم من هذا حاله دون أن يعين أجدا . وقال ابن عباس والكلبي : نزلت في رؤساء اليهود حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظرائهما . وقال الربيع بن أنس : نزلت فيمن قتل يوم بدر من قادة الأحزاب ، والأول أصح ، فإن من عين أحدا فإنما مثل بمن كشف الغيب بموته على الكفر انتهى . وقوله ( لا يؤمنون ) خبر مبتدأ محذوف : أي هم لا يؤمنون ، وهي جملة مستأنفة لأنها جواب سؤال مقدر كأنه قيل : هؤلاء الذين استوى حالهم مع الإنذار وعدمه ماذا يكون منهم ؟ فقيل لا يؤمنون : أي هم لا يؤمنون . وقال في الكشاف : إنها جملة مؤكدة للجملة الأولى ، أو خبر لأن والجملة قبلها اعتراض انتهى . والأولى ما ذكرناه ، لأن المقصود الإخبار عن عدم الاعتداد بإنذارهم ، وأنه لا يجدي شيئا بل بمنزلة العدم ، فهذه الجملة هي التي وقعت خبرا لأن ، وما بعدها من عدم الإيمان متسبب عنها لا أنه المقصود . وقد قال بمثل قول الزمخشري القرطبي . وقال ابن كيسان : إن خبر إن سواء ، وما بعده يقوم مقام الصلة . وقال محمد ابن يزيد المبرد : سواء رفع بالابتداء ، وخبره أأنذرتهم أم لم تنذرهم ، والجملة خبر إن . والختم : مصدر ختمت الشئ ، ومعناه : التغطية على الشئ والاستيثاق منه حتى لا يدخله شئ ، ومنه ختم الكتاب والباب وما يشبه ذلك حتى لا يوصل إلى ما فيه ولا يوضع فيه غيره . والغشاوة : الغطاء ، ومنه غاشية السرج ، والمراد بالختم والغشاوة هنا هما المعنويان لا الحسيان : أي لما كانت قلوبهم غير واعية لما وصل إليها ، والأسماع غير مؤدية لما يطرقها من الآيات البينات إلى العقل على وجه مفهوم ، والأبصار غير مهدية للنظر في مخلوقاته وعجائب مصنوعاته جعلت بمنزلة الأشياء المختوم عليها ختما حسيا ، والمستوثق منها استيثاقا حقيقيا ، والمغطاة بغطاء مدرك استعارة أو تمثيلا ، وإسناد الختم إلى الله قد احتج به أهل السنة على المعتزلة ، وحاولوا دفع هذه الحجة بمثل ما ذكره صاحب الكشاف ، والكلام على مثل هذا متقرر في مواطنه .
وقد اختلف في قوله تعالى ( وعلى سمعهم ) هل هو داخل في حكم الختم فيكون معطوفا على القلوب أو في حكم التغشية ، فقيل : إن الوقف على قوله ( وعلى سمعهم ) تام ، وما بعده كلام مستقل ، فيكون الطبع على القلوب والأسماع ، والغشاوة على الأبصار كما قاله جماعة ، وقد قرئ ( غشاوة ) بالنصب . قال ابن جرير : يحتمل أنه نصبها بإضمار فعل تقديره : وجعل على أبصارهم غشاوة ، ويحتمل أن يكون نصبها على الإتباع على محل وعلى سمعهم ، كقوله تعالى - وحور عين - وقول الشاعر : * علفتها تبنا وماء باردا * وإنما وحد السمع مع جمع القلوب والأبصار ، لأنه مصدر يقع على القليل والكثير . والعذاب : هو ما يؤلم ، وهو مأخوذ من الحبس والمنع ، يقال في اللغة أعذبه عن كذا : حبسه ومنعه ، ومنه عذوبة الماء لأنها حبست في الإناء حتى صفت . وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس في قوله ( سواء عليهم أأنذرتهم ) قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى ، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأول ، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاوة في الذكر الأول . وأخرج

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست