العباد وما ملكوا ، وقيل المعنى مالك الدنيا والآخرة ، وقيل الملك هنا : النبوة ، وقيل الغلبة ، وقيل المال والعبيد .
والظاهر شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص ( تؤتى الملك من تشاء ) أي من تشاء إيتاءه إياه ( وتنزع الملك ممن تشاء ) نزعه منه . والمراد بما يؤتيه من الملك وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام . قوله ( وتعز من تشاء ) أي في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ، يقال عز : إذا غلب ، ومنه - وعزني في الخطاب - . وقوله ( وتذل من تشاء ) أي في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما ، يقال ذل يذل ذلا : إذا غلب وقهر . قوله ( بيدك الخير ) تقديم الخبر للتخصيص : أي بيدك الخير لا بيد غيرك ، وذكر الخير دون الشر ، لأن الخير بفضل محض بخلاف الشر فإنه يكون جزاء لعمل وصل إليه ، وقيل لأن كل شر من حيث كونه من قضائه سبحانه هو متضمن للخير فأفعاله كلها خير ، وقيل إنه حذف كما حذف في قوله - سرابيل تقيكم الحر - وأصله بيدك الخير والشر ، وقيل خص الخير لأن المقام مقام دعاء . قوله ( إنك على كل شئ قدير ) تعليل لما سبق وتحقيق له . قوله ( تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ) أي تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر ، وقيل المعنى تعاقب بينهما ويكون زوال أحدهما ولوجا في الآخر . قوله ( وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي ) قيل المراد إخراج الحيوان وهو حي من النطفة وهي ميتة ، وإخراج النطفة وهي ميتة من الحيوان وهو حي ، وقيل المراد إخراج الطائر وهو حي من البيضة وهي ميتة ، وإخراج البيضة وهي ميتة من الدجاجة وهي حية ، وقيل المراد إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن . قوله ( بغير حساب ) أي بغير تضييق ولا تقتير كما تقول فلان يعطي بغير حساب ، والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا .
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته ، فنزلت الآية . وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم ( قل اللهم مالك الملك ) إلى قوله ( بغير حساب ) . وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني عن معاذ " أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دينا عليه ، فعلمه أن يتلو هذه الآية ، ثم يقول : رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك ، اللهم أغنني من الفقر واقض عني الدين " . وأخرجه الطبراني في الصغير من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ " ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك " فذكره ، وإسناده جيد وقد تقدم عند تفسير قوله تعالى - شهد الله أنه لا إله إلا هو - بعض فضائل هذه الآية . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( تؤتى الملك من تشاء ) قال : النبوة . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله ( تولج الليل في النهار ) الآية ، قال : تأخذ الصيف من الشتاء ، وتأخذ الشتاء من الصيف ( وتخرج الحي من الميت ) تخرج الرجل الحي من النطفة الميتة ( وتخرج الميت من الحي ) تخرج النطفة الميتة من الرجل الحي . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ( تولج الليل في النهار ) قال : ما نقص من النهار تجعله في الليل وما نقص من الليل تجعله في النهار . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي نحوه . وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد نحوه . وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك نحوه أيضا .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ( تخرج الحي من الميت ) قال : تخرج النطفة الميتة من الحي ثم تخرج من النطفة بشرا حيا . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة ( تخرج الحي من الميت ) قال : هي البيضة تخرج من