responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 32


صلى الله عليه وآله وسلم تكلم في شئ من معانيها ، بل غاية ما ثبت عنه هو مجرد عدد حروفها ، فأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وصححه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " وله طرق عن ابن مسعود . وأخرج ابن أبي شيبة والبزار بسند ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه مرفوعا . فإن قلت : هل روى عن الصحابة شئ من ذلك بإسناد متصل بقائله أم ليس إلا ما تقدم من حكاية القرطبي عن ابن عباس وعلي ؟ قلت : قد روى ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود أنه قال ألم حرف اشتقت من حروف اسم الله . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ألم وحم ون قال : اسم مقطع . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء عن ابن عباس أيضا في قوله ، ألم ، والمص ، والر ، والمر ، وكهعيص ، وطه ، وطسم ، وطس ويس ، وص ، وحم ، وق ، ون ، قال : هو قسم أقسمه الله وهو من أسماء الله . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ألم قال : هي اسم الله الأعظم . وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله ألم قال : ألف مفتاح اسمه الله ولام مفتاح اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد . وقد روى نحو هذه التفاسير عن جماعة من التابعين فيهم عكرمة والشعبي والسدي وقتادة ومجاهد والحسن . فإن قلت : هل يجوز الاقتداء بأحد من الصحابة ؟ قال في تفسير شئ من هذه الفواتح قولا صح إسناده إليه . قلت : لا لما قدمنا ، إلا أن يعلم أنه قال ذلك عن علم أخذه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فإن قلت : هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه ولا مدخل للغة العرب فلم لا يكون له حكم الرفع ؟ قلت : تنزيل هذا منزلة المرفوع ، وإن قال به طائفة من أهل الأصول وغيرهم ، فليس مما ينشرح له صدور المنصفين ، ولا سيما إذا كان في مثل هذا المقام وهو التفسير لكلام الله سبحانه ، فإنه دخول في أعظم الخطر بما لا برهان عليه صحيح إلا مجرد قولهم إنه يبعد من الصحابي كل البعد أن يقول بمحض رأيه فيما لا مجال فيه للاجتهاد ، وليس مجرد هذا الاستبعاد مسوغا للوقوع في خطر الوعيد الشديد . على أنه يمكن أن يذهب بعض الصحابة إلى تفسير بعض المتشابه كما تجده كثيرا في تفاسيرهم المنقولة عنهم ويجعل هذه الفواتح من جملة المتشابه ، ثم ها هنا مانع آخر ، وهو أن المروي عن الصحابة في هذا مختلف متناقض ، فإن عملنا بما قاله أحدهم دون الآخر كان تحكما لا وجه له ، وإن عملنا بالجميع كان عملا بما هو مختلف متناقض ولا يجوز ، ثم ها هنا مانع غير هذا المانع ، وهو أنه لو كان شئ لما قالوه مأخوذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاتفقوا عليه ولم يختلفوا كسائر ما هو مأخوذ عنه ، فلما اختلفوا في هذا علمنا أنه لم يكن مأخوذا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم لو كان عندهم شئ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا لما تركوا حكايته عنه ورفعه إليه ، لا سيما عند اختلافهم واضطراب أقوالهم في مثل هذا الكلام الذي لا مجال للغة العرب فيه ولا مدخل لها . والذي أراه لنفسي ولكل من أحب السلامة واقتدى بسلف الأمة أن لا يتكلم بشئ من ذلك ، مع الاعتراف بأن في إنزالها حكمة لله عز وجل لا تبلغها عقولنا ولا تهتدي إليها أفهامنا ، وإذا انتهيت إلى السلامة في مداك فلا تجاوزه ، وسيأتي لنا عند تفسير قوله تعالى - منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات - كلام طويل الذيول ، وتحقيق تقبله صحيحات الأفهام وسليمات العقول .

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست