responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 772


وأما المناسك فإنها جمع منسك ، وهو الموضع الذي ينسك لله فيه ، ويتقرب إليه فيه بما يرضيه من عمل صالح إما بذبح ذبيحة له ، وإما بصلاة أو طواف أو سعي ، وغير ذلك من الأعمال الصالحة ولذلك قيل لمشاعر الحج مناسكه ، لأنها أمارات وعلامات يعتادها الناس ، ويترددون إليها . وأصل المنسك في كلام العرب : الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه ، يقال : لفلان منسك ، وذلك إذا كان له موضع يعتاده لخير أو شر ولذلك سميت المناسك مناسك ، لأنها تعتاد ويتردد إليها بالحج والعمرة ، وبالأعمال التي يتقرب بها إلى الله . وقد قيل : إن معنى النسك : عبادة الله ، وأن الناسك إنما سمي ناسكا بعبادة ربه ، فتأول قائل هذه المقالة قوله : وأرنا مناسكنا وعلمنا عبادتك كيف نعبدك ، وأين نعبدك ، وما يرضيك عنا فنفعله . وهذا القول وإن كان مذهبا يحتمله الكلام ، فإن الغالب على معنى المناسك ما وصفنا قبل من أنها مناسك الحج التي ذكرنا معناها . وخرج هذا الكلام من قول إبراهيم وإسماعيل على وجه المسألة منهما ربهما لأنفسهما ، وإنما ذلك منهما مسألة ربهما لأنفسهما وذريتهما المسلمين ، فلما ضما ذريتهما المسلمين إلى أنفسهما صارا كالمخبرين عن أنفسهم بذلك . وإنما قلنا إن ذلك كذلك لتقدم الدعاء منهما للمسلمين من ذريتهما قبل في أول الآية ، وتأخره بعد في الآية الأخرى .
فأما الذي في أول الآية فقولهما : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك . ثم جمعا أنفسهما والأمة المسلمة من ذريتهما في مسألتهما ربهما أن يريهم مناسكهم فقالا : وأرنا مناسكنا .
وأما التي في الآية التي بعدها : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم فجعلا المسألة لذريتهما خاصة . وقد ذكر أنها في قراءة ابن مسعود : وأرهم مناسكهم ، يعني بذلك : وأر ذريتنا المسلمة مناسكهم .
القول في تأويل قوله تعالى : وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .
أما التوبة فأصلها الأوبة من مكروه إلى محبوب ، فتوبة العبد إلى ربه : أوبته مما يكرهه الله منه بالندم عليه والاقلاع عنه ، والعزم على ترك العود فيه . وتوبة الرب على عبده : عوده عليه بالعفو له عن جرمه والصفح له عن عقوبة ذنبه ، مغفرة له منه ، وتفضلا عليه .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 772
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست