وضربت عليهم الذلة والمسكنة قال هؤلاء يهود بني إسرائيل . قلت له : هم قبط مصر ، قال : وما لقبط مصر وهذا ؟ لا والله ما هم هم ، ولكنهم اليهود يهود بني إسرائيل .
فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه يبدلهم بالعز ذلا ، وبالنعمة بؤسا ، وبالرضا عنهم غضبا ، جزاء منه لهم على كفرهم بآياته وقتلهم أنبياءه ورسله اعتداء وظلما منهم بغير حق ، وعصيانهم له ، وخلافا عليه .
القول في تأويل قوله تعالى : وباءوا بغضب من الله .
قال أبو جعفر : يعني بقوله : وباءوا بغضب من الله انصرفوا ورجعوا ، ولا يقال باءوا إلا موصولا إما بخير وإما بشر ، يقال منه : باء فلان بذنبه يبوء به بوءا وبواء . ومنه قول الله عز وجل إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك يعني : تنصرف متحملهما وترجع بهما قد صارا عليك دوني .
فمعنى الكلام إذا : ورجعوا منصرفين متحملين غضب الله ، قد صار عليهم من الله غضب ، ووجب عليهم منه سخط . كما :
حدثت عن عمار بن الحسن ، قال : ثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : وباءوا بغضب من الله فحدث عليهم غضب من الله .
حدثنا يحيى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : وباءوا بغضب من الله قال : استحقوا الغضب من الله .
وقدمنا معنى غضب الله على عبده فيما مضى من كتابنا هذا ، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع .
القول في تأويل قوله تعالى : ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق .
قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ذلك ضرب الذلة والمسكنة عليهم ، وإحلاله غضبه بهم . فدل بقوله : ذلك وهو يعني به ما وصفنا على أن قول القائل ذلك يشمل المعاني الكثيرة إذا أشير به إليها .