responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 230


لايمانهم مثلا . وإنما أراد بذلك أنهم كلما أضاء لهم الايمان وإضاءتهم لهم أن يروا فيه ما يعجبهم في عاجل دنياهم من النصرة على الأعداء ، وإصابة الغنائم في المغازي ، وكثرة الفتوح ، ومنافعها ، والثراء في الأموال ، والسلامة في الأبدان والأهل والأولاد ، فذلك إضاءته لهم ، لأنهم إنما يظهرون بألسنتهم ما يظهرونه من الاقرار ابتغاء ذلك ، ومدافعة عن أنفسهم وأموالهم وأهليهم وذراريهم ، وهم كما وصفهم الله جل ثناؤه بقوله : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه ) [1] .
ويعني بقوله : ( مشوا فيه ) مشوا في ضوء البرق . وإنما ذلك مثل لإقرارهم على ما وصفنا . فمعناه : كلما رأوا في الايمان ما يعجبهم في عاجل دنياهم على ما وصفنا ، ثبتوا عليه وأقاموا فيه ، كما يمشي السائر في ظلمة الليل وظلمة الصيب الذي وصفه جل ثناؤه ، إذا برقت فيها بارقة أبصر طريقه فيها ، ( وإذا أظلم ) يعني ذهب ضوء البرق عنهم . ويعني بقوله : " عليهم " : على السائرين في الصيب الذي وصف جل ذكره ، وذلك للمنافقين مثل .
ومعنى إظلام ذلك : أن المنافقين كلما لم يروا في الاسلام ما يعجبهم في دنياهم عند ابتلاء الله مؤمني عباده بالضراء وتمحيصه إياهم بالشدائد والبلاء من إخفاقهم في مغزاهم وإنالة عدوهم منهم ، أو إدبار من دنياهم عنهم ، أقاموا على نفاقهم وثبتوا على ضلالتهم كما قام السائر [2] في الصيب الذي وصف جل ذكره إذا أظلم وخفت ضوء البرق ، فحار في طريقه فلم يعرف منهجه .
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ) .
قال أبو جعفر : وإنما خص جل ذكره السمع والابصار بأنه لو شاء أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين ، أعني قوله : ( يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق ) وقوله : ( يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه ) فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل . ثم عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم وكفرهم ، وعيدا من الله لهم ، كما توعدهم في الآية التي قبلها بقوله : ( والله محيط بالكافرين ) واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه المقتدر عليهم وعلى جمعهم ، لاحلال سخطه بهم ، وإنزال نقمته عليهم ، ومحذورهم بذلك سطوته ، ومخوفهم به عقوبته ، ليتقوا بأسه ، ويسارعوا إليه بالتوبة . كما :
أذهبها من المنافقين دون سائر أعضاء أجسامهم للذي جرى من ذكرها في الآيتين ، أعني قوله : يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق وقوله : يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه فجرى ذكرها في الآيتين على وجه المثل . ثم عقب جل ثناؤه ذكر ذلك بأنه لو شاء أذهبه من المنافقين عقوبة لهم على نفاقهم وكفرهم ، وعيدا من الله لهم ، كما توعدهم في الآية التي قبلها بقوله : والله محيط بالكافرين واصفا بذلك جل ذكره نفسه أنه المقتدر عليهم وعلى جمعهم ، لاحلال سخطه بهم ، وإنزال نقمته عليهم ، ومحذرهم بذلك سطوته ، ومخوفهم به عقوبته ، ليتقوا بأسه ، ويسارعوا إليه بالتوبة . كما :



[1] سورة الحج ، الآية : 11 .
[2] في الأصل " السائرون " . وما أثبتناه أنسب .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست