responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 203


علمت أن الهاء والميم من قوله : ( مثلهم ) كناية جماعة من الرجال أو الرجال والنساء .
" والذي " دلالة على واحد من الذكور ؟ فكيف جعل الخبر عن واحد مثلا لجماعة ؟ وهلا قيل : مثلهم كمثل الذين استوقدوا نارا ! وإن جاز عندك أن تمثل الجماعة بالواحد فتجيز لقائل رأى جماعة من الرجال فأعجبته صورهم وتمام خلقهم وأجسامهم أن يقول : كأن هؤلاء ، أو كان أجسام هؤلاء ، نخلة ! ! .
قيل : أما في المواضع الذي مثل ربنا جل ثناؤه جماعة من المنافقين بالواحد الذي جعله لأفعالهم مثلا فجائز حسن ، وفي نظائره كما قال جل ثناؤه في نظير ذلك : ( تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت ) [1] يعني كدوران عين الذي يعشي عليه من الموت ، وكقوله : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [2] بمعنى إلا كبعث نفس واحدة .
وأما في تمثيل أجسام الجماعة من الرجال في طول وتمام الخلق بالواحدة من النخيل ، فغير جائز ولا في نظائره لفرق بينهما .
فاما تمثيل الجماعة من المنافقين بالمستوقد الواحد ، فإنما جاز لان المراد من الخبر عن مثل المنافقين الخبر عن مثل استضاءتهم بما أظهروا بألسنتهم من الاقرار وهم لغيره مستبطنون من اعتقاداتهم الرديئة ، وخلطهم نفاقهم الباطن بالاقرار بالايمان الظاهر .
والاستضاءة وان اختلفت أشخاص أهلها معنى واحد لا معان مختلفة . فالمثل لها في معنى المثل للشخص الواحد من الأشياء المختلفة الاشخاص . وتأويل ذلك : مثل استضاءة المنافقين بما أظهروه من الاقرار بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما جاء به قولا وهم به مكذبون اعتقادا ، كمثل استضاءة الموقد نارا ، ثم أسقط ذكر الاستضاءة وأضيف المثل إليهم ، كما قال نابغة بني جعدة :
وكيف تواصل من أصبحت * خلالته كأبي مرحب [3] .
يريد كخلالة أبي مرحب ، فأسقط " خلالة " ، إذ كان فيما أظهر من الكلام دلالة لسامعيه على ما حذف منه . فكذلك القول في قوله : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) لما كان معلوما عند سامعيه بما أظهر من الكلام أن المثل إنما ضرب لاستضاءة القوم بالاقرار



[1] سورة الأحزاب ، الآية : 19 .
[2] سورة لقمان ، الآية : 28 .
[3] الخلالة : الصداقة التي ليس فيها خلل ، وأبو مرحب : كنية الظل .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست