عن أبيه ، عن الربيع : إنما نحن مستهزءون أي نستهزئ بأصحاب محمد ( ص ) . القول في تأويل قوله تعالى :
* ( الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) * قال أبو جعفر : اختلف في صفة استهزاء الله جل جلاله الذي ذكر أنه فاعله بالمنافقين الذين وصف صفتهم . فقال بعضهم : استهزاؤه بهم كالذي أخبرنا تبارك اسمه أنه فاعل بهم يوم القيامة في قوله تعالى : * ( يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) * قيل * ( ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ) * الآية ، وكالذي أخبرنا أنه فعل بالكفار بقوله : * ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ) * . فهذا وما أشبهه من استهزاء الله عز وجل وسخريته ومكره وخديعته للمنافقين وأهل الشرك به ، عند قائلي هذا القول ومتأولي هذا التأويل . وقال آخرون : بل استهزاؤه بهم : توبيخه إياهم ولومه لهم على ما ركبوا من معاصي الله والكفر به ، كما يقال :
إن فلانا ليهزأ منه اليوم ويسخر منه يراد به توبيخ الناس إياه ولومهم له ، أو إهلاكه إياهم وتدميره بهم ، كما قال عبيد بن الأبرص :
سائل بنا حجر ابن أم قطام إذ * ظلت به السمر النواهل تلعب فزعموا أن السمر وهي القنا لا لعب منها ، ولكنها لما قتلتهم وشردتهم جعل ذلك من فعلها لعبا بمن فعلت ذلك به قالوا : فكذلك استهزاء الله جل ثناؤه بمن استهزأ به من أهل النفاق والكفر به ، إما إهلاكه إياهم وتدميره بهم ، وإما إملاؤه لهم ليأخذهم في حال أمنهم عند أنفسهم بغتة ، أو توبيخه لهم ولأئمته إياهم . قالوا : وكذلك معنى المكر منه والخديعة والسخرية .
وقال آخرون : قوله : * ( يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم ) * على