responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 141


وأنه لا معنى له ، وإنما هو زيادة في الكلام معناه الطرح ، فإنه أخطأ من وجوه شتى :
أحدها : أنه وصف الله تعالى ذكره بأنه خاطب العرب بغير ما هو من لغتها وغير ما هو في لغة أحد من الآدميين ، إذ كانت العرب وإن كانت قد كانت تفتتح أوائل إنشادها ما أنشدت من الشعر ب‌ " بل " ، فإنه معلوم منها أنها لم تكن تبتدئ شيئا من الكلام ب‌ " ألم " و " الر " و " المص " بمعنى ابتدائها ذلك ب‌ ( بل " . وإذ كان ذلك ليس من ابتدائها ، وكان الله جل ثناؤه إنما خاطبهم بما خطابهم من القران بما يعرفون من لغاتهم ويستعملون بينهم من منطقهم في جميع آية ، فلا شك أن سبيل ما وصفنا من حروف المعجم التي افتتحت بها أوائل السور التي هن لها فواتح سبيل سائر القرآن في أنه لم يعدل بها عن لغاتهم التي كانوا بها عارفين لها بينهم في منطقهم مستعملين ، لان ذلك لو كان معدولا به عن سبيل لغاتهم ومنطقهم كان خارجا عن معنى الإبانة التي وصف الله عز وجل بها القرآن ، فقال تعالى ذكره : ( نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين ) [1] . وأنى يكون مبينا مالا يعقله ولا يفقهه أحد من العالمين في قول قائل هذه المقالة ، ولا يعرف في منطق أحد من المخلوقين في قوله ؟ وفي إخبار الله جل ثناؤه عنه أنه عربي مبين ما يكذب هذه المقالة ، وينبئ عنه أن العرب كانوا به عالمين وهو لها مستبين . فذلك أحد أوجه خطئه .
والوجه الثاني من خطئه في ذلك : إضافته إلى الله جل ثناؤه أنه خاطب عباده بما لا فائدة لهم فيه ولا معنى له من الكلام الذي سواء الخطاب به وترك الخطاب به ، وذلك إضافة العبث الذي هو منفي في قول جميع الموحدين عن الله ، إلى الله تعالى ذكره .
والوجه الثالث من خطئه : أن " بل " في كلام العرب مفهوم تأويلها ومعناها ، وأنها تدخلها في كلامها رجوعا عن كلام قد تقضى كقولهم : ما جاءني أخوك بل أبوك ، وما رأيت عمرا بل عبد الله ، وما أشبه ذلك من الكلام ، كما قال أعشى بني ثعلبة :
ولأشربن ثمانيا وثمانيا * وثلاث عشرة واثنتين وأربعا ومضى في كلمته حتى بلغ قوله :
بالجلسان وطيب أراد أنه * بالون يضرب لي يكر الأصبعا [2]



[1] سورة الشعراء ، الآيات : 193 - 195 .
[2] الجلسان : قبة أو بيت ينثر فيه الورد والريحان للشرب . والأردان : جمع ردن ، وهو مقدم كم القميص . والون : صنج يضرب بالأصابع . ويكر : أي يرد أصبعه مرة بعد مرة في ضربه بالصنج .

نام کتاب : جامع البيان عن تأويل آي القرآن نویسنده : محمد بن جرير الطبري    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست