فزعم أنه أراد بذلك الخبر عن المرأة أنها في " أبي جاد " [1] ، فأقام قوله : " لما رأيت أمرها في حطي " مقام خبره عنها أنها في " أبي جاد " ، إذ كان ذلك من قوله يدل على سامعه على ما يدله عليه قوله : لما رأيت أمرها في أبي جاد .
وقال آخرون : بل ابتدئت بذلك أوائل السور ليفتح لاستماعه أسماع المشركين ، إذ تواصوا بالاعراض عن القرآن ، حتى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلف منه .
فإن قيل : هل يكون من القرآن ما ليس له معنى ؟ فإن معنى هذا [2] أنه افتتح بها ليعلم أن السورة التي قبلها قد انقضت ، وأنه قد أخذ في أخرى ، فجعل هذا علامة انقطاع ما بينهما ، وذلك في كلام العرب ينشد الرجل منهم الشعر فيقول : بل . .
وبلدة ما الانس من آهالها ويقول : لا بل . . .
ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا [3] و " بل " ليست من البيت ولا تعد في وزنه ، ولكن يقطع بها كلاما ويستأنف الاخر .
قال أبو جعفر : ولكل قول من الأقوال التي قالها الذين وصفنا قولهم في ذلك وجه معروف . فأما الذين قالوا : ( ألم ) اسم من أسماء القرآن ، فلقولهم ذلك وجهان : أحدهما أن يكون أرادوا أن : ( ألم ) اسم للقرآن كما الفرقان اسم له . وإذا كان معنى قائل ذلك كذلك ، كان تأويل قوله : ( ألم ) : ذلك الكتاب على معنى القسم ، كأنه قال : والقرآن هذا الكتاب لا ريب فيه . والاخر منهما أن يكونوا أرادوا أنه اسم من أسماء السورة التي تعرف به كما تعرف سائر الأشياء بأسمائها التي هي لها أمارات [4] تعرف بها ، فيفهم السامع من القائل