responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 881


النعيم والعيش السليم في جوار أكرم الأكرمين ، وأن حكمته تعالى ، لا تقتضي أن يجعل المتقين القانتين لربهم ، المنقادين لأوامره ، المتبعين مراضيه ، كالمجرمين الذي أوضعوا في معاصيه ، والكفر بآياته ، ومعاندة رسله ، ومحاربه أوليائه . وأن من ظن أنه يسويهم في الثواب ، فإنه قد أساء الحكم ، وأن حكمه باطل ، ورأيه فاسد . وأن المجرمين إذا ادعوا ذلك ، فليس لهم مستند ، لا كتاب فيه يدرسون ويتلون ، أنهم من أهل الجنة ، وأن لهم ما طلبوا وتخيروا . وليس لهم عند الله عهد ويمين بالغة إلى يوم القيامة أن لهم ما يحكمون وليس لهم شركاء وأعوان على إدراك ما طلبوا ، فإن كان لهم شركاء وأعوان ، فليأتوا بهم ، إن كانوا صادقين . ومن المعلوم أن جميع ذلك منتف ، فليس لهم كتاب ، ولا لهم عهد عند الله في النجاة ، ولا لهم شركاء يعينونهم ، فعلم أن دعواهم باطلة فاسدة . وقوله : * ( سلهم أيهم بذلك زعيم ) * ، أي : أيهم الكفيل بهذه الدعوى التي تبين بطلانها ، فإنه لا يمكن أحدا ، أن يتصدر بها ، ولا يكون زعيما فيها . * ( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) * أي : إذا كان يوم القيامة ، وانكشف فيه من القلاقل والزلازل والأهوال ، ما لا يدخل تحت الوهم ، وأتى الباري لفصل القضاء بين عباده ، ومجازاتهم ، فكشف عن ساقه الكريمة ، التي لا يشبهها شيء ، ورأى الخلائق من جلال الله وعظمته ، ما لا يمكن التعبير عنه ، فحينئذ يدعون إلى السجود لله . فيسجد المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله ، طوعا واختيارا ، ويذهب الفجار المنافقون ليسجدوا فلا يقدرون على السجود ، وتكون ظهورهم كصياصي البقر ، لا يستطيعون الانحناء . وهذا الجزاء من جنس عملهم ، فإنهم كانوا يدعون في الدنيا إلى السجود لله ، وتوحيده وعبادته ، وهم سالمون ، لا علة فيهم ، فيستكبرون عن ذلك ويأبون ، فلا تسأل يومئذ عن حالهم ، وسوء مآلهم ، فإن الله سخط عليهم ، وحقت عليهم كلمة العذاب ، وتقطعت أسبابهم ، ولم تنفعهم الندامة والاعتذار يوم القيامة . ففي هذا ما يزعج القلوب عن المقام على المعاصي ، ويوجب التدارك مدة الإمكان . * ( فذرني ومن يكذب به ذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين * أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون * أم عندهم الغيب فهم يكتبون * فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعرآء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين * وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون * وما هو إلا ذكر للعالمين ) * أي : دعني والمكذبين بالقرآن العظيم ، فإن علي جزاءهم ، ولا تستعجل لهم ، * ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) * فنمدهم بالأموال والأولاد ، ونمدهم في الأرزاق والأعمال ، ليغتروا ، ويستمروا على ما يضرهم ، وهذا من كيد الله لهم ، وكيد الله لأعدائه متين قوي ، يبلغ من ضررهم وعقوبتهم كل مبلغ . * ( أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ) * ، أي : ليس لنفورهم عنك ، وعدم تصديقهم لك ، سبب يوجب لهم ذلك ، فإنك تعلمهم ، وتدعوهم إلى الله ، لمحض مصلحتهم ، من غير أن تصيبهم من أموالهم مغرما ، يثقل عليهم . * ( أم عندهم الغيب فهم يكتبون ) * ما كان عندهم من الغيوب ، وقد وجدوا أنهم على حق ، وأن لهم الثواب عند الله . فهذا أمر ما كان ، وإنما كانت حالهم ، حال معاند ظالم . فلم يبق إلا الصبر لأذاهم ، والتحمل لما يصدر منهم ، والاستمرار على دعوتهم ، ولهذا قال : * ( فاصبر لحكم ربك ) * ، أي : لما حكم به ، شرعا وقدرا ، فالحكم القدري ، يصبر على المؤذى منه ، ولا يتلقى بالسخط والجزع ، والحكم الشرعي ، يقابل بالقبول والتسليم ، والانقياد لأمره . وقوله : * ( ولا تكن كصاحب الحوت ) * وهو يونس بن متى ، عليه الصلاة والسلام . أي : ولا تشابهه في الحالالتي أوصلته وأوجبت له الانحباس في بطن الحوت ، وهو عدم صبره على قومه ، الصبر المطلوب منه ، وذهابه مغاضبا لربه ، حتى ركب البحر ، فاقترع أهل السفينة حين ثقلت بأهلها ، أيهم يلقون لكي تخف بهم ، فوقعت القرعة عليه ، فالتقمه الحوت وهو مليم . وقوله : * ( إذ نادى وهو مكظوم ) * ، أي : وهو في بطنها قد كظمت عليه ، أو نادى وهو مغتم مهتم ، فقال : * ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) * . فاستجاب الله له ، وقذفته الحوت من بطنها بالعراء ، وهو سقيم ، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، ولهذا قال هنا : * ( لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 881
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست