بغيا . * ( فلم يغنيا ) * ، أي : نوح ولوط * ( عنهما ) * ، أي : عن امرأتيهما * ( من الله شيئا وقيل لهما ادخلا النار مع الداخلين ) * . * ( وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ) * وهي آسية بنت مزاحم رضي الله عنها ، * ( إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ) * . فوصفها الله بالإيمان والتضرع لربها ، وسؤالها أجل المطالب ، وهو دخول الجنة ، ومجاورة الرب الكريم ، وسؤالها أن ينجيها من فتنة فرعون وأعماله الخبيثة ، ومن فتنه كل ظالم . فاستجاب الله لها ، فعاشت في إيمان كامل ، وثبات تام ، ونجاة من الفتن ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد ، وفضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام ) . وقوله : * ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ) * ، أي : حفظته وصانته عن الفاحشة ، لكمال ديانتها ، وعفتها ، ونزاهتها . * ( فنفخنا فيه من روحنا ) * ، بأن نفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها ، فوصلت نفخته إلى مريم ، فجاء منها عيسى عليه السلام ، الرسول الكريم والسيد العظيم . * ( وصدقت بكلمات ربها وكتبه ) * ، وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة ، فإن التصديق بكلمات الله ، يشمل كلماته الدينية والقدرية . والتصديق بكتبه ، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق ، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل ، ولهذا قال : * ( وكانت من القانتين ) * ، أي : المداومين على طاعة الله ، بخشية وخشوع . وهذا وصف لها بكمال العمل ، فإنها رضي الله عنها صديقة ، والصديقية هي : كمال العلم والعمل . تم تفسير سورة التحريم بعون الله وتيسير . سورة الملك * ( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير * الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحم ن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) * * ( تبارك الذي بيده الملك ) * ، أي : تعاظم وتعالى ، وكثر خيره ، وعم إحسانه . من عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي ، فهو الذي خلقه ، ويتصرف فيه بما شاء ، من الأحكام القدرية ، والأحكام الدينية ، التابعة لحكمته . * ( وهو على كل شيء قدير ) * ، أي : ومن عظمته ، كمال قدرته ، التي يقدر بها على كل شيء ، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقت العظيمة ، كالسماوات والأرض . * ( الذي خلق الموت والحياة ) * أي : قدر لعباده أن يحييهم ثم يميتهم . * ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) * ، أي : أخلصه وأصوبه ، وذلك أن الله خلق عباده ، وأخرجهم لهذه الدار ، وأخبرهم أنهم سينتقلون منها ، وأمرهم ونهاهم ، وابتلاهم بالشهوات المعارضة لأمره ، فمن انقاد لأمر الله ، أحسن الله له الجزاء في الدارين ، ومن مال مع شهوات النفس ، ونبذ أمر الله ، فله شر الجزاء . * ( وهو العزيز ) * الذي له العزة كلها ، التي قهر بها جميع الأشياء ، وانقادت له المخلوقات . * ( الغفور ) * عن المسيئين ، والمقصرين ، والمذنبيين ، خصوصا إذا تابوا وأنابوا . فإنه يغفر ذنوبهم ، ولو بلغت عنان السماء ، ويستر عيوبهم ، ولو كانت ملء الدنيا . * ( الذي خلق سبع سماوات طباقا ) * ، أي : كل واحدة فوق الأخرى ، ولسن طبقة واحدة ، وخلقها في غاية الحسن والإتقان * ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) * ، أي : خلل ونقص . وإذا انتفى النقص من كل وجه ، وصارت حسنة كاملة ، متناسبة من كل وجه ، في لونها وهيئتها ، وارتفاعها ، وما فيها من الشمس ، والكواكب النيرات ، الثوابت منهن والسيارات . ولما كان كمالها معلوما ، أمر الله تعالى بتكرار النظر إليها والتأمل في أرجائها ، فقال : * ( فارجع البصر ) * ، أي : أعده إليها ، ناظرا معتبرا * ( هل ترى من فطور ) * ، أي : نقص واختلال . * ( ثم ارجع البصر كرتين ) * المراد بذلك : كثرة التكرار * ( ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) * ، أي : عاجزا عن أن يرى خللا أو فطورا ، ولو حرص غاية الحرص . ثم صرح بذكر حسنها ، فقال : * ( ولقد زينا السماء ) * ، إلى : * ( لأصحاب السعير ) * . * ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير * وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير * إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتهآ ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جآءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير ) * * ( ولقد زينا ) * ، أي : ولقد جملنا * ( السماء الدنيا ) * التي ترونها وتليكم . * ( بمصابيح ) * وهي النجوم ، على اختلافها في النور والضياء ، فإنه لولا ما فيها من النجوم ، لكانت سقفا مظلما ، لا حسن فيه ولا جمال . ولكن جعل الله هذه النجوم زينة