responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 861


عليين ، يتراءاهم أهل الجنة ، كما يتراءى الكوكب الدري في الأفق الشرقي ، أو الغربي . وحتى إن بناء الجنة بعضه من لبن ذهب ، وبعضه من لبن فضة ، وخيامها من اللؤلؤ والمرجان ، وبعض المنازل من الزمرد ، والجواهر الملونة بأحسن الألوان ، حتى إنها من صفائها يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، وفيها من الطيب والحسن ما لا يأتي عليه وصف الواصفين ، ولا خطر على قلب أحد من العالمين ، لا يمكن أن يدركوه حتى يروه ، ويتمتعوا بحسنه وتقر به أعينهم . ففي تلك الحالة ، لولا أن الله خلق أهل الجنة ، وأنشأهم نشأة كاملة ، لا تقبل العدم ، لأوشك أن يموتوا من الفرح ، فسبحان من لا يحصي أحد من خلقه ، ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه ، وفوق ما يثني عليه أحد من خلقه . وتبارك الجليل الجميل ، الذي أنشأ دار النعيم ، وجعل فيها من الجلال والجمال ما يبهر عقول الخلق ، ويأخذ بأفئدتهم . وتعالى من له الحكمة التامة ، الذي من جملتها ، أنه لو رأى العباد الجنة ، ونظروا إلى ما فيها من النعيم لما تخلف عنها أحد ، ولما هنأهم العيش في هذه الدار المنغصة المشوب نعيمها بألمها ، وفرحها بترحها . وسميت جنة عدن ، لأن أهلها مقيمون فيها ، لا يخرجون منها أبدا ، ولا يبغون عنها حولا ، ذلك الثواب الجزيل ، والأجر الجميل ، هو الفوز العظيم ، الذي لا فوز مثله ، فهذا الثواب الأخروي . وأما الثواب الدنيوي لهذه التجارة ، فذكره بقوله : * ( وأخرى تحبونها ) * ، أي : يحصل لكم خصلة أخرى تحبونها ، وهي : * ( نصر من الله ) * لكم على الأعداء ، يحصل به العز والفرح . * ( وفتح قريب ) * تتسع به دائرة الإسلام ، ويحصل به الرزق الواسع ، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين . وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد ، إذا قام غيرهم بالجهاد ، فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه ، بل قال : * ( وبشر المؤمنين ) * ، أي : بالثواب العاجل والآجل كل على حسب إيمانه ، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ، وجبت له الجنة ) . فعجب لها أبو سعيد الخدري ، راوي الحديث ، فقال : أعدها يا رسول الله ، فأعادها عليه . ثم قال : ( وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ) ، فقال : وما هي يا رسول الله ؟ قال : ( الجهاد في سبيل الله ) رواه مسلم . ثم قال تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ) * ، أي : بالأقوال والأفعال ، وذلك بالقيام بدين الله ، والحرص على تنفيذه على الغير ، وجهاد من عانده ونابذه ، بالأبدان والأموال ، وجهاد من نصر الباطل بما يزعمه من العلم ورد الحق ، بدحض حجته ، وإقامة الحجة عليه ، والتحذير منه . ومن نصر دين الله ، تعلم كتاب الله وسنة رسوله ، والحث على ذلك ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ثم هيج الله المؤمنين بالاقتداء بمن قبلهم من الصالحين بقوله : * ( كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله ) * ، أي : قال لهم منبها : من يعاونني ، ويقوم معي في نصر دين الله ، ويدخل مدخلي ، ويخرج مخرجي ؟ فابتدر الحواريون فقالوا : * ( نحن أنصار الله ) * فمضى عيسى عليه السلام ، على نصر دين الله ، هو ومن معه من الحواريين . * ( فآمنت طائفة من بني إسرائيل ) * بسبب دعوة عيسى والحواريين . * ( وكفرت طائفة ) * منهم ، فلم ينقادوا لدعوتهم ، فجاهد المؤمنون الكافرين . * ( فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم ) * ، أي : قويناهم ، ونصرناهم عليهم . * ( فأصبحوا ظاهرين ) * عليهم قاهرين لهم . فأنتم يا أمة محمد ،

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 861
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست