responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 859


لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ) * أي : * ( وإذ قال موسى لقومه ) * موبخا لهم على صنيعهم ، ومقرعا لهم على أذيته ، وهم يعلمون أنه رسول الله : * ( لم تؤذونني ) * بالأقوال والأفعال * ( وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ) * . والرسول من حقه الإكرام والإعظام ، والقيام بأوامره ، والابتدار لحكمه . وأما أذية الرسول الذي إحسانه إلى الخلق ، فوق كل إحسان ، بعد إحسان الله ، ففي غاية الوقاحة والجراءة ، والزيغ عن الصراط المستقيم ، الذي قد علموه وتركوه ، ولهذا قال : * ( فلما زاغوا ) * ، أي : انصرفوا عن الحق بقصدهم * ( أزاغ الله قلوبهم ) * عقوبة لهم على زيغهم ، الذي اختاروه لأنفسهم ، ورضوه لها ، ولم يوفقهم الله للهدى ، لأنهم لا يليق بهم الخير ، ولا يصلحون إلا للشر . * ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) * ، أي : الذين لم يزل الفسق وصفا لهم ، ليس لهم قصد في الهدى . وهذه الآية الكريمة ، تفيد أن إضلال الله لعبيده ، ليس ظلما منه ، ولا حجة لهم عليه ، وإنما ذلك بسبب منهم ، فإنهم الذي أغلقوا على أنفسهم باب الهدى بعد ما عرفوه ، فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال والزيغ وتقليب القلوب ، عقوبة لهم وعدلا منه بهم ، كما قال تعالى : * ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) * . * ( وإذ قال عيسى ابن مريم يبني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا ه ذا سحر مبين * ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين * يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) * يقول تعالى مخبرا عن عناد بني إسرائيل المتقدمين ، الذي دعاهم عيسى ابن مريم ، وقال لهم : * ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم ) * ، أي : أرسلني الله لأدعوكم إلى الخير ، وأنهاكم عن الشر ، وأيدني بالبراهين الظاهرة ، ومما يدل على صدقي ، كوني * ( مصدقا لما بين يدي من التوراة ) * ، أي : جئت بما جاء به موسى من التوراة ، والشرائع السماوية . ولو كانت مدعيا للنبوة ، غير صادق في دعواي ، لجئت بغير ما جاء به المرسلون ، ومصدقا لما بين يدي من التوراة أيضا ، أنها أخبرت بي وبشرت ، فجئت وبعثت مصدقا لها * ( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ) * ، وهو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي . فعيسى عليه الصلاة والسلام كسائر الأنبياء ، يصدق بالنبي السابق ، ويبشر بالنبي اللاحق ، بخلاف الكذابين ، فإنهم يناقضون الأنبياء أشد مناقضة ، ويخالفونهم في الأوصاف والأخلاق ، والأمر والنهي . * ( فلما جاءهم ) * محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشر به عيسى * ( بالبينات ) * ، أي : الأدلة الواضحة ، الدالة على أنه هو ، وأنه رسول الله حقا . * ( قالوا ) * معاندين للحق مكذبين له : * ( هذا سحر مبين ) * ، وهذا من أعجب العجائب . الرسول الذي قد وضحت رسالته ، وصارت أبين من شمس النهار ، يجعل ساحرا بينا سحره ، فهل في الخذلان أعظم من هذا ؟ وهل في الافتراء أبلغ من هذا الافتراء ، الذي نفى عنه ما كان معلوما من رسالته وأثبت له ما كان أبعد الناس عنه ؟ * ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب ) * بهذا أو غيره ، والحال أنه لا عذر له ، وقد انقطعت حجته ، لأنه * ( يدعى إلى الإسلام ) * ، وتبين له براهينه وبيناته . * ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) * الذين لا يزالون على ظلمهم مستقيمين ، لا تردهم عنه موعظة ، ولا يزجرهم بيان ولا برهان . خصوصا هؤلاء الظلمة القائمين بمقابلة الحق ليردوه ، ولينصروا الباطل ، ولهذا قال عنهم : * ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) * ، أي : بما يصدر منهم من المقالات الفاسدة ، التي يردون بها الحق ، وهي لا حقيقة لها ، بل تزيد البصير معرفة بما هم عليه من الباطل . * ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ) * ، أي : قد تكفل الله بنصر دينه ، وإتمام الحق ، الذي أرسل به رسله ، وإظهار نوره في سائر الأقطار ، ولو كره الكافرون ، وبذلوا بسبب كراهته كل ما قدروا عليه ، مما يتوصلون به إلى إطفاء نور الله ، فإنهم مغلوبون . ومثلهم كمثل من ينفخ عين

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 859
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست