responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 799


سورة الحجرات * ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم * يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون * إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أول ئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ) * هذا متضمن للأدب مع الله تعالى ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتعظيم والاحترام له ، وإكرامه . فأمر الله عباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالله ورسوله ، من امتثال أوامر الله ، واجتناب نواهيه ، وأن يكونوا ماشين ، خلف أوامر الله ، متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أمورهم ، وأن لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله ، فلا يقولوا حتى يقول ، ولا يأمروا حتى يأمر . فإن هذا حقيقة الأدب الواجب مع الله ورسوله ، وهو عنوان سعادة العبد وفلاحه ، وبفواته تفوته السعادة الأبدية ، والنعيم السرمدي . وفي هذا ، النهي الشديد عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم على قوله ، فإنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب اتباعها ، وتقديمها على غيرها ، كائنا من كان . ثم أمر الله بتقواه عموما ، وهي كما قال طلق بن حبيب : أن تعمل بطاعة الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور الله ، تخشى عقاب الله . وقوله : * ( إن الله سميع ) * ، أي : لجميع الأصوات في جميع الأوقات ، في خفي المواضع والجهات . * ( عليم ) * بالظواهر والبواطن ، والسوابق واللواحق ، والواجبات والمستحيلات والجائزات . وفي ذكر الاسمين الكريمين بعد النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله ، والأمر بتقواه حث على امتثال تلك الأوامر الحسنة ، والآداب المستحسنة ، وترهيب عن ضده . ثم قال تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول ) * ، وهذا أدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، في خطابه ، أي : لا يرفع المخاطب له ، صوته معه فوق صوته ، ولا يجهر له بالقول ، بل يغض الصوت ، ويخاطبه بأدب ولين ، وتعظيم وتكريم ، وإجلال وإعظام . ولا يكون الرسول كأحدهم ، بل يميزونه في خطابهم ، كما تميز عن غيره في وجوب حقه على الأمة ، ووجوب الإيمان به ، والحب الذي لا يتم الإيمان إلا به ، فإن في عدم القيام بذلك محذورا ، خشية أن يحبط عمل العبد وهو لا يشعر ، كما أن الأدب معه من أسباب حصول الثواب ، وقبول الأعمال . ثم مدح من غض صوته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بأن الله امتحن قلوبهم للتقوى ، أي : ابتلاها واختبرها ، فظهرت نتيجة ذلك ، بأن صلحت قلوبهم للتقوى . ثم وعدهم المغفرة لذنوبهم المتضمنة لزوال الشر والمكروه ، وحصول الأجر العظيم ، الذي لا يعلم وصفه إلا الله تعالى ، وفيه حصول كل محبوب ، وفي هذا ، دليل على أن الله يمتحن القلوب ، بالأمر والنهي والمحن . فمن لازم أمر الله ، واتبع رضاه ، وسارع إلى ذلك ، وقدمه على هواه ، تمحض وتمحص للتقوى ، وصار قلبه صالحا ، ومن لم يكن كذلك ، علم أنه لا يصلح للتقوى . * ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) * نزلت هذه الآيات الكريمة في ناس من الأعراب ، الذين وصفهم الله بالجفاء ، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، قدموا وافدين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه ، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج ، بل نادوه : يا محمد يا محمد ، أي : اخرج إلينا . فذمهم الله بعدم العقل ، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله واحترامه ، كما أن من العقل استعمال الأدب . فأدب العبد ، عنوان عقله ، وأن الله مريد به الخير ، ولهذا قال : * ( ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) * ، أي : غفور لما صدر عن عباده من الذنوب ، والإخلال بالآداب ، رحيم بهم ، حيث لم يعاجلهم بذنوبهم بالعقوبات والمثلات .

نام کتاب : تيسير الكريم الرحمن في كلام المنان نویسنده : عبد الرحمن بن ناصر السعدي    جلد : 1  صفحه : 799
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست