نشأ الإمام عبد الرزاق في اليمن ، حيث كانت وجهة كثير من العلماء و الأئمة إليها في نهاية القرن الأول و بداية القرن الثاني الهجري ، إما لطلب العلم ، حيث استوطنها بعض كبار الأئمة من أمثال معمر بن راشد و وهب بن منبه . أو هاجر إليها بعضهم بسب الاضطرابات السياسية التي وقعت في بلاد الرافدين و ما وراء النهرين في أواخر العهد الأموي و بداية العهد العباسي . و لم يذكر المصنفون رحلات الإمام عبد الرزاق سوى رحلته إلى الشام للتجارة ، و اجتمع فيها بكبار أئمتها ، و أخذ عنهم حديثهم ، من أمثال الإمام الأوزاعي و غيره . و رحلته إلى الحجاز و كان في أواخر حياته ، كما يؤخذ من كلامه نفسه و سيأتي . و لازم الإمام عبد الرزاق من هاجر إلى اليمن و استوطنها ، أو جاء إلى اليمن طالبا للعلم ، فقد ذكر أنه جالس معمر بن راشد سبع سنين [1] ، و في رواية ابن أبي حاتم ثماني سنين ، و كان يبلغ يومئذ من العمر عشرين سنة . كما التقى بعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج قبل ذلك و أخذ منه الحديث . و بعد أن اشتهر عبد الرزاق ، و ذاع صيته في العالم الإسلامي ، شدت إليه الرحال ، و سنجد من بين تلاميذه الذين قصدوه لأخذ الحديث عنه أئمة الحديث من أمثال إسحاق و أحمد و يحيى بن معين و غيرهم . مما يشهد له برسوخ قدمه في هذا العلم .
[1] تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص 364 . و تهذيب التهذيب لابن حجر ج 6 ص 310 و ما بعدها .