من ذلك حاشاه من هذا . 3 - إن محبته لآل البيت جعلته ينساق مع عاطفته أحيانا ، فيعرض بخصومهم أو تفلت منه فلتات لسان في شأنهم . أما إذا كان في موقف و إصدار الحكم و الرأي ، فكان الثقة الثبت المدقق ، و قد وجدناه عندما سئل عن الحكم في الخلاف بين علي و خصومه : أتزعم أن عليا كان على الهدى في حروبه ؟ فقال : لا ها الله ، إذا يزعم علي أنها فتنة ، و أتقلدها له هذا . أي إن عليا نفسه اعتبرها فتنة بين المسلمين و لم يحكم على خصومه بالضلال و أنه على الحق المحض ، فكيف أزعم أنه كان على الهدى و خصومه على الباطل . و هذا منتهى الانصاف من الرجل و هو موقف أهل السنة و الجماعة . 4 - إن جل ما يؤخذ عليه هو هذا التساهل في نقل الروايات الخاصة بآل البيت وهذه روايات معدودة بعضها قد توبع عليها ، و بعضها انفرد بها ، و لم يأت بشيء من عند نفسه . و إن ذلك لم يؤثر في مكانة عبد الرزاق عند المحدثين . و خلاصة القول : إن الإمام عبد الرزاق الصنعاني هو الإمام الثقة الثبت روى له أئمة الحديث ، و الهنات التي ذكرت عنه لم تؤثر على عدالته و ضبطه بشكل عام ، لذا نجد أن الإمام البخاري يروي له في صحيحه و كذلك الإمام مسلم في صحيحه ، كما أخرج له أصحاب السنن جميعا ، و كفى بذلك تزكية و توثيقا للإمام عبد الرزاق . و ردا على من بالغ - من غير حجة مقبولة - في التشنيع عليه و اتهامه بالباطل ، و لعل الإمام عبد الرزاق شعر في آخر حياته بحملة بعض الناس عليه وتشهيرهم به مما جعله يشعر بالمرارة و الألم في نفسه . فقد نقل الذهبي في ميزان الاعتدال :