تفسير عبد الرزاق و الإسرائيليات إن مما أخذ على التفسير بالمأثور هو اهتمامه بالسند و بأقوال السلف و تساهلهم في مضمون كثير من الأخبار التي يروونها . و الإمام عبد الرزاق الصنعاني الذي سلك طريقة المحدثين و تتبع أقوال السلف في معاني الآيات و أسباب النزول و رواها بأسانيدها ، قد روى من جملة ما روى بعض الروايات عن وهب بن منبه و كعب الأحبار و ابن جريج و غيرهم من الذين عرفوا برواية الإسرائيليات . و على الرغم من أن الإمام عبد الرزاق لم يكثر من رواية الإسرائيليات هذه ، و تجنب ما فيه خدش بعصمة الأنبياء عليهم السلام ، فنجده في قصة داود عليه السلام و تسور المحراب عليه يختار من تلك القصص أسلمها و أقربها إلى القبول ، و كذلك في قصة أيوب عليه السلام ، و قصة يوسف عليه السلام . و كذلك تجنب رواية الإسرائيليات التي تتنافى مع العقيدة و ظاهر الشريعة إلا أنه لم يسلم من إيراد بعض القصص الإسرائيلي الذي لا نستسيغ روايته عقلا ، كما أورد في سورة البقرة قصة هاروت و ماروت ، و في سورة ( ق ) و غيرها . و قد نبهت أثناء التحقيق على مواطن هذه الإسرائيليات ، و كنا نتمنى على الإمام عبد الرزاق أن يجتنب هذه الروايات ، و لعل عذره في ذلك - كما أعذر العلماء من بعده ابن جرير - أنه يروي الأسانيد في هذه الروايات ، و على القارئ أن يتنبه إلى الأسانيد و إلى الأقوال و إلى من نسبت . و لعل الله يقيض للتفسير بالمأثور بعامة و كتاب ابن جرير بخاصة من ينبه إلى مثل هذه الإسرائيليات إلى جانب بيان الصحيح من السقيم من الأقوال المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين ، ليأخذها القارئ و هو مطمئن القلب إلى نسبتها إلى أصحابها .