نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 289
وأما اسمه الرحمن فهو يفيد تجلى الحق بصفاته العالية ، ولذلك قال : * ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) * ( الإسراء : 110 ) وأما اسمه الرحيم فهو يفيد تجلى الحق بأفعاله وآياته ولهذا السبب قال : * ( ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً ) * ( غافر : 7 ) . الفصل التاسع في سبب اشتمال الفاتحة على الأسماء الخمسة سبب اشتمال الفاتحة على الأسماء الخمسة : السبب فيه أن مراتب أحوال الخلق خمسة : أولها : الخلق ، وثانيها : التربية في مصالح الدنيا ، وثالثها : التربية في تعريف المبدأ ، ورابعها : التربية في تعريف المعاد ، وخامسها : نقل الأرواح من عالم الأجساد إلى دار المعاد ، فاسم الله منبع الخلق والإيجاد والتكوين والإبداع واسم الرب يدل على التربية بوجوه الفضل والإحسان ، واسم الرحمن يدل على التربية في معرفة المبدأ ، واسم الرحيم في معرفة المعاد حتى يحترز عما لا ينبغي ويقدم على ما ينبغي ، واسم الملك يدل على أنه ينقلهم من دار الدنيا إلى دار الجزاء ، ثم عند وصول العبد إلى هذه المقامات انتقل الكلام من الغيبة إلى الحضور فقال : * ( إياك نعبد ) * كأنه يقول : إنك إذا انتفعت بهذه الأسماء الخمسة في هذه المراتب الخمس وانتقلت إلى دار الجزاء صرت بحيث ترى الله ، فحينئذٍ تكلم معه على سبيل المشاهدة لا على سبيل المغايبة ، ثم قل : إياك نعبد وإياك نستعين ، كأنه قال : إياك نعبد لأنك الله الخالق ، وإياك نستعين لأنك الرب الرازق ، إياك نعبد لأنك الرحمن ، وإياك نستعين لأنك الرحيم ، إياك نعبد لأنك الملك ، وإياك نستعين لأنك المالك . واعلم أن قوله مالك يوم الدين دل على أن العبد منتقل من دار الدنيا إلى دار الآخرة ، ومن دار الشرور إلى دار السرور ، فقال : لا بدّ لذلك اليوم من زاد واستعداد ، وذلك هو العبادة ، فلا جرم قال : إياك نعبد ، ثم قال العبد : الذي اكتسبته بقوتي وقدرتي قليل لا يكفيني في ذلك اليوم الطويل فاستعان بربه فقال ، ما معنى قليل ، فأعطني من خزائن رحمتك ما يكفيني في ذلك اليوم الطويل فقال : وإياك نستعين ، ثم لما حصل الزاد ليوم المعاد قال : هذا سفر طويل شاق والطرق كثيرة والخلق قد تاهوا في هذه البادية فلا طريق إلا أن أطلب الطريق ممن هو بإرشاد السالكين حقيق فقال : اهدنا الصراط المستقيم ، ثم أنه لا بدّ لسالك الطريق من رفيق ومن بدرقة ودليل فقال : صراط الذين أنعمت عليهم ، والذين أنعمت الله
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 289