نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 279
عليه وسلم فيتلاقى الروحان ، ويحصل هناك الروح والراحة والريحان ، فلا بدّ لروح محمد عليه الصلاة والسلام من محمدة وتحية ، فقل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فعند ذلك يقول محمد عليه الصلاة والسلام : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ، وكأنه قيل لك فهذه الخيرات والبركات بأي وسيلة وجدتها ؟ وبأي طريق وصلت إليها ؟ فقل بقولي : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقيل لك أن محمداً هو الذي هداك إليه ، فأي شيء هديتك له ؟ فقل : اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد ، فقيل لك : إن إبراهيم هو الذي طلب من الله أن يرسل إليك مثل هذا الرسول فقال : * ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) * ( البقرة : 129 ) فما جزاؤك له ؟ فقل : كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، فيقال لك : فكل هذه الخيرات من محمد أو من إبراهيم أو من الله ؟ فقل : بل من الحميد المجيد إنك حميد مجيد . ثم إن العبد إذا ذكر الله بهذه الأثنية والمدائح ذكره الله تعالى في محافل الملائكة بدليل قوله عليه الصلاة والسلام حكاية عن الله عزّ وجلّ : " إذا ذكرني عبدي في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه " فإذا سمع الملائكة ذلك اشتاقوا إلى هذا العبد فقال الله : " إن ملائكة السماوات اشتاقوا إلى زيارتك وأحبوا القرب منك ، وقد جاؤوك فابدأ بالسلام عليهم لتحصل لك فيه مرتبة السابقين ، فيقول العبد عن يمينه وعن شماله : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فلا جرم أنه إذا دخل الجنة الملائكة يدخلون عليه من كل باب فيقولون : * ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) * ( الرعد : 24 ) . الفصل السادس في الكبرياء والعظمة الكبرياء والعظمة : أعظم المخلوقات جلالة ومهابة المكان والزمان : أما المكان فهو الفضاء الذي لا نهاية له ، والخلاء الذي لا غاية له ، وأما الزمان فهو الامتداد المتوهم الخارج من قعر ظلمات عالم الأزل إلى ظلمات عالم الأبد ، كأنه نهر خرج من قعر جبل الأزل وامتد حتى دخل في قعر جبل الأبد فلا يعرف لانفجاره مبدأ ، ولا لاستقراره منزل ، فالأول والآخر صفة الزمان ، والظاهر والباطن صفة المكان ، وكمال هذه الأربعة الرحمن الرحيم ، فالحق سبحانه وسع المكان ظاهراً وباطناً ، ووسع الزمان أولاً وآخراً ، وإذا كان مدبر المكان والزمان هو الحق تعالى كان منزهاً عن المكان والزمان .
نام کتاب : تفسير الرازي نویسنده : فخر الدين الرازي جلد : 1 صفحه : 279